تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ٢٢٠
لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) *) نزلت في المشركين حيث سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة.
قال الفراء: وإنما رفع ما بعد " * (إلا) *) لأن قبلها جحدا كما يقال: ما ذهب أحد إلا أبوك " * (وما يشعرون أيان) *) متى " * (يبعثون) *) قالت عائشة: من زعم أنه يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله عز وجل يقول: " * (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) *).
أخبرنا أبو زكريا الحري قال: أخبرنا أبو حامد الأعمشي قال: حدثنا علي بن حشرم قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن رجل قد سماه قال: كان عند الحجاج بن يوسف منجم، فأخذ الحجاج حصيات بيده قد عرف عددها فقال للمنجم: كم في يدي؟ فحسب، فأصاب المنجم، ثم اعتقله الحجاج فأخذ حصيات لم يعددهن، فقال للمنجم: كم في يدي؟ فحسب، فحسب، فأخطأ ثم حسب أيضا، فأخطأ، فقال: أيها الأمير أظنك لا تعرف عددها في يدك. قال: فما الفرق بينهما؟ قال: إن ذاك أحصيته فخرج من حد الغيب، فحسبت فأصبت، وإن هذا لم تعرف عددها، فصار غيبا، ولا يعلم الغيب إلا الله عز وجل. " * (بل ادارك) *) اختلف القراء فيه، فقرأ ابن عباس بلى بإثبات الياء " * (ادارك) *) بفتح الألف وتشديد الدال على الاستفهام.
روى شعبة عن أبي حمزة قال: قال لي ابن عباس: في هذه الآية " * (بل ادارك علمهم في الآخرة) *) أي لم يدرك، قال الفراء: وهو وجه جيد كأنه يوجهه إلى الاستهزاء بالمكذبين بالبعث، لقولك للرجل تكذبه: بلى لعمري لقد أدركت السلف فأنت تروي ما لا تروي، وأنت تكذبه. وقرأ الحسن ويحيى بن وثاب والأعمش وشيبة ونافع وعاصم وحمزة والكسائي " * (بل ادارك) *) بكسر اللام وتشديد الدال أي تدارك وتتابع " * (علمهم في الآخرة) *) هل هي كائنة أم لا؟ وتصديق هذه القراءة أنها في حرف أبي أم تدارك " * (علمهم في الآخرة) *) والعرب تضع بل موضع أم، وأم موضع بل إذا كان في أول الكلام استفهام كقول الشاعر:
فوالله ما أدري أسلمى تغولت أم البوم أم كل إلي حبيب أي بل كل إلي حبيب، ومعنى الكلام هل تتابع علمهم بذلك في الآخرة، أي لم يتتابع فصل وغاب علمهم به فلم يبلغوه ولم يدركوه؛ لأن في الاستفهام ضربا من الجحد، وقرأ أبو جعفر ومجاهد وحميد وابن كثير وأبو عمرو " * (بل ادارك) *) من الادراك أي لم يدرك علمهم علم في الآخرة، وقال مجاهد: معناه يدرك علمهم في الآخرة ويعلمونها إذا عاينوها حين لا ينفعهم علمهم لأنهم كانوا في (الأنبياء) مكذبين، وقيل بل ضل وغاب علمهم في الآخرة فليس فيها لهم علم، ويقال: اجتمع علمهم في الآخرة أنها كائنة وهم في شك من وقتهم.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»