فإن قيل: إنما قال الله " * (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) *) فلم قال: إنه أسرى إلى السماء.
فالجواب أنه قال: إنما قال: " * (أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) *) كان إبتدأ أمر المعراج كان المسري، والعروج كان بعد الاسراء، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدق، والحكمة فيه والله أعلم أنه لو أخبر إبتدأ بعروجه إلى السماء لاشتد إنكارهم وعظم ذلك في قلوبهم ولم يصدقوه، فأخبر بيت المقدس بها فلما تمكن ذلك في قلوبهم وبان لهم صدقة وقامت الحجة عليهم له، أخبر بصعوده إلى السماء العليا وسدرة المنتهى وبقرينة حتى دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى " * (وآتينا موسى الكتاب) *) كما أسرينا بمحمد صلى الله عليه وسلم " * (وجعلناه هدى لبني إسرائيل) *) الآية يعني " * (ألا تتخذوا من دوني وكيلا) *) ربا وشريكا وكفيلا.
قرأه العامة: يتخذوا بالياء، يعني قلنا لهم لا يتخذوا.
وقرأ ابن عباس ومجاهد وأبو عمر: بالياء واختاره أبو عبيد قال: لأنه خبر عنهم " * (ذرية من حملنا مع نوح) *) فأنجيناهم من الطوفان " * (إنه كان عبدا شكورا) *).
قال المفسرون: كان نوح (عليه السلام) إذا لبس ثوبا يأكل طعاما أو شرب شرابا. قال: الحمد لله، فسمي عمدا شكورا.
روى النظر بن شقي عن عمران بن سليم قال: إنما سمي نوح (عليه السلام) عبدا شكورا لأنه كان إذا أكل طعاما قال: الحمد لله الذي أطعمني ولو شاء أجاعني، فإذا شرب قال: الحمد لله الذي سقاني ولو أشاء أظماني وإذا اكتسى قال: الحمد الله الذي كساني ولو أشاء أعراني، فإذا اهتدى قال: الحمد لله الذي هداني ولو أشاء لما هداني فإذا قضى حاجته قال: الحمد لله الذي أخرج عني الأذى في عافية ولو شاء لحبسه.
(* (وقضينآ إلى بنى إسراءيل فى الكتاب لتفسدن فى الارض مرتين ولتعلن علوا كبيرا * فإذا جآء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنآ أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا * ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا * إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جآء وعد الاخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا * عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) *) 2 " * (وقضينا إلى بني إسرائيل) *) إلى قوله " * (حصيرا) *).
روى سفيان بن سهيل عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن خراش قال: سمعت حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن بني إسرائيل لما إعتدوا وعتوا وقتلوا الأنبياء بعث الله عليهم