تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٦٤
قطرة من العرش فوقف على لساني فماذاق الذائقون شيئا قط أحلى منها فأنباني الله عز وجل بها نبأ الأولين والآخرين وأطلق الله لساني بعد ما كل من هيبة الرحمن، فقلت: التحيات لله والصلوات الطيبات. فقال الله تعالى: سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فقلت: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فقال: يا محمد هل تعلم فيم اختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: أنت أعلم يا رب بذلك وبكل شيء وأنت علام الغيوب. قال: اختلفوا في الدرجات والحسنات، فهل تدري يا محمد ما الدرجات وما الحسنات؟
قلت: أنت أعلم يا رب. قال: الدرجات إسباغ الوضوء في المكروهات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلوات بعد الصلاة والحسنات إفشاء السلم وإطعام الطعام والتهجد بالليل والناس نيام ثم قال: يا محمد آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه؟ قلت: نعم أي رب. قال: ومن؟ قلت: والمؤمنين " * (كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله) *) كما فرقت اليهود والنصارى. فقال: ماذا قالوا؟
قلت: قالوا: سمعنا قولك وأطعنا أمرك. قال: صدقت فسل تعط. قال: فقلت: " * (غفرانك ربنا وإليك المصير) *) قال: قد غفرت لك ولأمتك سل تعطه؟
فقلت: " * (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) *) قال: قد رفعت الخطأ والنسيان عنك وعن أمتك وما استكرهوا عليه، قلت: " * (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) *) قال: قد فعلت ذلك بك وبأمتك. قلت ربنا " * (واعف عنا) *) من الخسف " * (واغفر لنا) *) من القذف " * (وارحمنا) *) من المسخ " * (أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) *) قال: قد فعلت ذلك لك ولأمتك، ثم قيل: لي سل.
فقلت: يا رب إنك اتخذت إبراهيم خليلا، وكلمت موسى تكليما، ورفعت إدريس مكانا عليا، وآتيت سليمان ملكا عظيما، وآتيت داود زبورا، فمالي يا رب؟
قال ربي: يا محمد اتخذتك خليلي كما اتخذت إبراهيم خليلا وكلمتك كما كلمت موسى تكليما وأعطيتك فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة وكانا من كنوز العرش ولم أعطها نبيا قبلك، وأرسلتك إلى أهل الأرض جميعا أبيضهم وأسودهم وإنسهم وجنهم ولم أرسل إلى جماعتهم نبيا قبلك وجعلت الأرض كلها برها وبحرها طهورا ومسجدا لك ولأمتك وأطعمتك وأمتك الفيء
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»