تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٣١٠
إلا وليس في القرآن سواه، والسبق تقدم الشيء على غيره.
" * (لهم منا الحسنى) *) السعادة والعدة الجميلة بالجنة " * (أولئك عنها مبعدون) *) والإبعاد: تطويل المسافة. واختلفوا في هؤلاء من هم؟ فقال أكثر المفسرين: عني بذلك كل من عبد من دون الله وهو طائع ولعبادة من يعبده كاره، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد وصناديد قريش في الحطيموحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فجلس إليهم فعرض له النضر بن الحارث فكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليه وعليهم " * (إنكم وما تعبدون من دون الله) *) الآيات الثلاث، ثم قام فأقبل عبد الله بن الزبعرى بن قيس بن عدي السهمي فرآهم يتهامسون قال: فيم خوضكم؟ فأخبره الوليد بن المغيرة بما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عبد الله: أما والله لو وجدته لخصمته، فدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ابن الزبعرى: أنت قلت: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم؟ قال: نعم، قال: قد خصمتك ورب الكعبة، أليست اليهود تعبد عزيرا والنصارى تعبد المسيح وبنو مليح يعبدون الملائكة؟.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم، بل هم يعبدون الشياطين، هي التي أمرتهم بذلك، فأنزل الله سبحانه " * (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى) *) الآية يعني عزيرا وعيسى والملائكة).
قال الحسن بن الفضل: إنما أراد بقوله " * (إنكم وما تعبدون من دون الله) *) الأوثان دون غيرها لأنه لو أراد الملائكة والناس لقال: (ومن تعبدون)، قلت: ولأن المخاطبين بهذه الآية مشركو مكة وهم كانوا يعبدون الأصنام.
وقال بعضهم: هذه الآية عامة في كل من سبقت له من الله السعادة.
قال محمد بن حاطب: سمعت عليا كرم الله وجهه يخطب، فقرأ هذه الآية " * (إن الذين سبقت) *) فقال: عثمان (ح) منهم.
وقال الجنيد في هذه الآية: سبقت لهم من الله العناية في البداية، فظهرت الولاية في النهاية.
أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن عثمان النصيبي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي بحلب قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي قال: حدثنا عبيد الله القواريري قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني قال: حدثنا ليث عن ابن عم النعمان بن بشير وكان من سمار على قال: تلا علي
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 » »»