قالوا: وإنما سكن الياء في نجي كما سكنوها في بقر فقالوا بقره ونحوها وإنما اتبع أهل هذه القراءة المصحف لأنها مكتوبة بنون واحدة.
وقال القتيبي: من قرأ بنون واحدة والتشديد فإنه أراد ننجي من التنجية إلا أنه أدغم وحذف نونا على طلب الخفة.
وقال النحويون: وهو رديء لبعد مخرج النون من الجيم، وممن جوز هذه القراءة أبو عبيد، وأما أبو حاتم السجستاني فإنه لحنها ونسب قارئها إلى الجهل وقال: هذا لحن لا يجوز في اللغة، ولا يحتج بمثل ذلك البيت على كتاب الله سبحانه وتعالى إلا أن يقول: وكذلك نجي المؤمنين، ولو قرئ كذلك لكان صوابا، والله أعلم.
" * (وزكريا إذ نادى) *) دعا " * (ربه) *) فقال " * (رب لا تذرني فردا) *) وحيدا لا ولد لي ولا عقب وارزقني وارثا، ثم رد الأمر إلى الله سبحانه فقال " * (وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى) *) ولدا " * (وأصلحنا له زوجه) *) بأن جعلناها ولودا بعد ما كانت عقيما، قاله أكثر المفسرين، وقال بعضهم: كانت سيئة الخلق فأصلحها له بأن رزقها حسن الخلق.
" * (إنهم) *) يعني الأنبياء الذين سماهم في هذه السورة.
" * (كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا) *) خوفا وطمعا رغبا في رحمة الله ورهبا من عذاب الله، وقرأ الأعمش، رغبا ورهبا بضم الراء وجزم الغين والهاء وهما لغتان مثل السقم والسقم والثكل والثكل والنحل والنحل والعدم والعدم.
" * (وكانوا لنا خاشعين) *) خاضعين متواضعين.
" * (والتي أحصنت) *) حفظت ومنعت " * (فرجها) *) مما حرم الله سبحانه وهي مريم بنت عمران " * (فنفخنا فيها من روحنا) *) أي أمرنا جبرئيل حتى نفخ في جيب درعها وأحدثنا بذلك النفخ المسيح في بطنها، وأضاف الروح إليه على معنى الملك والتشريف لمريم وعيسى بتخصيصها بالإضافة إليه.
" * (وجعلناها وابنها آية للعالمين) *) أي دلالة على كمال قدرتنا وحكمتنا، حمل امرأة بلا مماسة ذكر، وكون ولد من غير أب، وإنما قال (آية) ولم يقل آيتين لأن معنى الكلام وجعلنا شأنهما وأمرهما آية للعالمين.
" * (إن هذه أمتكم) *) ملتكم " * (أمة واحدة) *) ملة واحدة وهي الإسلام فأبطل ما سوى الإسلام من الأديان، وأصل الأمة الجماعة التي هي على مقصد واحد فجعلت بالشريعة أمة واحدة