تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٣٠٤
يونس (عليهما السلام) فقال له: انطلق إلى السفينة، فركبها فاحتبست السفينة فساهموا فسهم، فجاء الحوت يبصبص بذنبه فنودي الحوت: إنا لم نجعل يونس لك رزقا، إنا جعلناك له حرزا ومسجدا، فالتقمه الحوت فانطلق به من ذلك المكان حتى مر به على الإبلة، ثم مر به على دجلة ثم انطلق حتى ألقاه في نينوى، فكان ابن عباس يقول: إنما كانت رسالة يونس بعد ما نبذه الحوت، ودليل هذا القول أن الله تعالى ذكر قصة يونس في سورة والصافات ثم عقبها بقوله " * (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) *).
وقال الآخرون: بل كانت قصة الحوت بعد دعائه قومه وتبليغهم رسالة ربه كما قد بينا ذكره.
" * (فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) *) من كربهم إذا استغاثوا بنا ودعونا.
وروى علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: سمعت سعد بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اسم الله الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى) قال: فقلت: يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال: هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها، ألم تسمع قول الله تعالى " * (فنادى في الظلمات) *) إلى قوله " * (وكذلك ننجي المؤمنين) *) وهو شرط الله لمن دعاه بها.
واختلفت القراءة في قوله (ننج) فقرأه العامة بنونين الثانية منهما ساكنة من الإنجاء على معنى نحن ننجي، فإن قيل: لم كتبت في المصاحف بنون واحدة؟ قيل: لأن النون الثانية لما سكنت وكان الساكن غير ظاهر على اللسان حذفت، كما فعلوا ذلك بإلا فحذفوا النون من لجعلها أو كاشفة إذا كانت مدغمة في اللام، وقرأ ابن عامر وعاصم برواية ابن بكر " * (نجي المؤمنين) *) بنون واحدة وتشديد الجيم وتسكين الياء، واختلف النحاة في هذه القراءة فمنهم من صوبها وقال: فيه اضمار معناه: نجي المؤمنين كما يقال: ضرب زيدا بمعنى ضرب الضرب زيدا. قال الشاعر:
ولو ولدت قفيرة جرو كلب لسب بذلك الجرو الكلابا أراد لسبه بذلك الجرو ولسب الكلابا
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»