فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة، فلما امتدت الأيام قالوا: يا محمد ما نرى شيئا مما تخوفنا به فأنزل الله " * (أتى أمر الله) *) فوثب النبي صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رؤوسهم فنزلت " * (فلا تستعجلوه) *) فاطمأنوا فلما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم (بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه إن كادت لتسبقني).
وقال ابن عباس: كان بعث النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة. وأن جبرئيل لما مر بأهل السماوات مبعوثا إلى محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: الله أكبر قد قامت الساعة.
قال الآخرون: الأمر هاهنا العذاب بالسيف، وهو جواب للنضر بن الحرث حين قال: " * (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك) *) الآية يستعجل العذاب، فأنزل الله هذه الآية، وهذا من الجواب المقصور فقتل النضر يوم بدر صبرا.
وقال الضحاك: " * (أمر الله) *): الأحكام والحدود والفرائض.
والقول الأول أولى بالصواب؛ لأنه لم يبلغنا أن أحدا من الصحابة مستعجل بفريضة الله قبل أن تفرض عليهم، وأما مستعجل العذاب من المشركين فقد كانوا كثيرا.
" * (سبحانه وتعالى عما يشركون ينزل الملائكة) *).
قرأه العامة: بضم الياء وكسر الزاي المشدد، الملائكة نصب. وخففه معظم أهل مكة والبصرة بمعنى ينزل الله.
وقرأ المفضل وروح وسهيل وزيد: ينزل بفتح الياء والزاي، الملائكة رفع.
وقرأ الأعمش: ينزل بفتح الياء وجزم النون وكسر الزاي من النزول، والملائكة رفع على هاتين القرائتين والفعل للملائكة.
" * (بالروح) *) بالوحي سماه روحا، لأنه تحيا به القلوب والحق، ويموت به الكفر والباطل.
وقال عطاء: بالنبوة فطرة يلقى الروح من أمره.
قتادة: بالرحمة.
أبو عبيدة: " * (بالروح) *)، يعني: مع الروح وهو جبرئيل.
" * (من أمره على من يشاء من عباده إن) *) محله نصب بنزع الخافض، ومجازه بأن " * (أنذروا) *) أعلموا، من قولهم: أنذر به أي أعلم " * (أنه) *) في محل النصب بوقوع الإنذار عليه.