تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٣٨
السبيل وهو لكل شيء وسطه، ومنه قيل للظهر: سواء " * (فبما نقضهم ميثاقهم) *) أي فبنقضهم وما فيه ما المصدر، وكل ما ورد عليك من هذا الباب فهو سبيله.
قال قتادة: نقضوه من وجوه: كذبوا الرسل الذين جاؤوا بعد موسى فقتلوا أنبياء الله ونبذوا كتابه وضيعوا فرائضه.
قال سلمان: إنما هلكت هذه الأمة بنكثها عهودها.
" * (لعناهم) *) قال ابن عباس: عذبناهم بالجزية. الحسن ومقاتل: بالمسخ عطاء أبعدناهم من رحمتنا " * (وجعلنا قلوبهم قاسية) *).
قرأ يحيى بن رئاب وحمزة والكسائي قسية بتشديد الياء من غير ألف. وهي قراءة النخعي، وقرأ الأخفش: قسية بتخفيف الياء على وزن فعلية نحو عمية وشجية من قسى يقسي لا من قسى يقسو، وقرأ الباقون: قاسية على وزن فاعلة، وهو اختيار أبو عبيدة، وهما لغتان مثل العلية والعالية والزكية والزاكية.
قال ابن عباس: قاسية يائسة، وقيل: غليظة لا تلين، وقيل: متكبرة لا تقبل الوعظ، وقيل: ردية فاسدة، من الدراهم القسية وهي الودية المغشوشة " * (يحرفون الكلم عن مواضعه) *) قرأه العامة بغير ألف، وقرأ السلمي والنخعي: الكلام بالألف " * (ونسوا حضا مما ذكروا به) *) وتركوا نصيب أنفسهم مما أمروا به من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبيان نعمته " * (ولا تزال) *) يا محمد " * (تطلع على خائنة منهم) *).
واختلفوا في الخائنة:
قال المبرد: هي مصدر، كالكاذبة، واللاغية، وقيل: هي اسم كالعاقبة والمعاقبة، وقيل: هي بمعنى المبالغة، والهاء هنا للمبالغة مثل: راوية وعلامة ونسابة.
قال الشاعر:
حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن للغدر خائنة مغل الإصبع ويجوز أن يكون جمع الخائن كقولك فرقة كافرة وطائفة خارجة.
قال ابن عباس: خائنة أي معصية، وقيل: كذب وفجور، وكانت خيانتهم نقضهم العهد ومظاهرتهم المشركين على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهمهم بقتله وسمه ونحوها من عمالتهم وخيانتهم التي أخبرت " * (إلا قيلا منهم) *) لم يخونوا أو لم ينقضوا العهد، (من) أهل الكتاب " * (فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين) *) وهذا منسوخ بآية السيف.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»