تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٨
دفعة نزل عليك يا محمد الكتاب القرآن " * (بالحق) *): بالعدل، والصدق، " * (مصدقا) *): موافقا " * (لما بين يديه) *): لما قبله من الكتب في التوحيد، والنبوات، والأخبار، وبعض الشرائع.
" * (وأنزل التوراة والإنجيل) *) قال البصريون: أصلها ووديه دوجله وحرقله فحولت الواو الأولى تاء وجعلت الياء المفتوحة ألفا فصارت توراة، ثم كتبت بالياء على أصل الكلمة، وقال الكوفيون: هي تفعله والعلة فيه ما ذكرنا مثل (توصية)، و (توفية) فقلبت الياء ألفا كما يفعل طي، فيقول للجارية: جاراة، وللناصية: ناصاة، وأصلها من قولهم: (وري الزند) إذا أخرجت ناره وأولته أنا، قال الله عز وجل: " * (أفرأيتم النار التي تورون) *)، وقال: " * (فالموريات قدحا) *) فتسمى تورية؛ لأنه نور وضياء دل عليه قوله تعالى: " * (وضياء وذكرى للمتقين) *) قاله الفراء، وأكثر العلماء، وقال (المؤرج:) هي من التورية وهي كتمان الشيء والتعريض لغيره.
ومن الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا أراد شيئا وري بغيره).
وكان أكثر التورية معارض وتلويحا من غير إيضاح وتصريح، وقيل: هي بالعبرانية (نوروثو) ومعناه: الشريعة.
والإنجيل أفضل من (النجل) وهو الخروج، ومنه سمي الولد (نجلا) لخروجه.
قال الأعشى:
أنجب أزمان والداه به إذ نجلاه فنعم ما نجلا فسمي بذلك؛ لأن الله تعالى أخرج به دارسا من الحق عافيا.
ويقال: هو من المتنجل، وهو سعة الجن، يقال: قطعنه نجلا أي: واسعة فسمي بذلك؛ لأنه أصل أخرجه لهم ووسعه عليهم نورا وضياء، وقيل: هو بالسريانية (انقليون) ومعناه: الشريعة:
وقرأ الحسن الإنجيل بفتح الهمزة، يصححه الباقون بالكسر مثل: الإكليل.
" * (من قبل) *) رفع على الغاية والغاية هاهنا قطع الكتاب عنه كقوله تعالى: " * (لله الأمر من قبل ومن بعد) *) وقال زهير:
وما كان من خير أتوه فإنما توارثه آباء آبائهم قبل
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»