تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٨١
في الحراب، حتى إنتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق، ثم خبأها عند رجل من اليهود، يقال له زيد ابن السمين، والتمست الدرع عند طعمة فلم يوجد عنده، وحلف لهم والله ما أخذها وماله بها من علم فقال أصحاب الدرع، بلى والله لقد أولج علينا فأحضرها وعلينا بأثره حتى دخل داره، فرأينا أثر الدقيق منتشرا فلما أن حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق. حتى انتهوا إلى منزل اليهودي فأخذوه وقال اليهودي: دفعها لي طعمة بن البرق، وشهد له ناس من اليهود على ذلك، فقالت بنو ظفر وهم قوم طعمة: أيطلبوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكلمه في صاحبنا فنعذره ونجادل عنه وإن صاحبنا يرى معذورا فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلموه في ذلك، وسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا: إنك إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح، وبرئ اليهودي فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل وأن يعاقب اليهودي، فأنزل الله تعالى يعاتبه " * (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق) *) الآيات.
وفي رواية أخرى عن ابن عباس قال: إن طعمة سرق درعا من أنصاري وكان الدرع في جراب فيه نخاله فخرق الجراب حتى كان متناثر النخالة منه طول الطريق، فجاء به إلى دار زيد ابن السمين على أثر النخالة (فأخذه) وحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم رسول الله أن يقطع يد زيد اليهودي فأنزل الله تعالى هذه الآية.
علي بن الضحاك: نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار، استودع درعا فجحده صاحبها فخونه رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء قومه فعذروه وأتوا عليه فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعذرهم ورد الذين قالوا فيه ما قالوا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فلما تبين خيانته ارتد عن الإسلام ولحق بمكة، فأنزل الله تعالى " * (ومن يشاقق الرسول) *) الآية.
وقال مقاتل: إن زيد السمين أودع درعا عند طعمة بن أبرق فجحده طعمة فلما جاء زيد يطلبه أغلق الباب، فأشرف على السطح، فألقى الدرع في دار جاره أبي هلال. ثم فتح الباب فلم يجدوا فيه فصعد السطح فقال: أرى درعا في دار أبي هلال، فلعله درعكم فنظروا وإذا هو ذلك فرفعوه. ثم جمع طعمة قومه وجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكوا وقالوا: إنهم قد فضحونا وسرقونا، فعاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل " * (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق) *) أي بالأمر والنهي والفصل " * (لتحكم بين الناس بما أراك الله) *) أي ماعلمك الله وأوحى إليك " * (ولا تكن للخائنين خصيما) *) أي معينا " * (واستغفر الله) *) ابن عباس قال: واستغفر الله مما هممت به من قطع يد زيد.
الكلبي: واستغفر الله يا محمد من همك باليهودي أن تضربه.
مقاتل: واستغفر الله من جدالك الذي جادلت عن طعمة " * (إن الله كان غفورا رحيما) *)) .
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»