وقال الضحاك: أي إثما يأتون بإنكارهم لما قضيت " * (ويسلموا تسليما) *) أي يخضعوا وينقادوا إليك إنقيادا " * (ولو أنا كتبنا) *) فرضنا وأوجبنا " * (عليهم أن اقتلوا أنفسكم) *) ما أمرنا بني إسرائيل. " * (أو اخرجوا من دياركم) *) كما أمرناهم بالخروج من مصر " * (ما فعلوه) *) أرجع الهاء إلى فعل القتل والخروج لأن الفعل وإن اختلفت أجناسه فمعناه واحد " * (إلا قليل منهم) *) وهذه الآية نزلت في قول ثابت بن قيس وكان هو من القليل الذي استثنى الله عز وجل ورفع القليل على ضمير الفاعل بأنهم فعلوه وقل على التكرار تقديره: ما فعلوه، تم الكلام. ثم قال: إلا أنه فعله قليل منهم. كقول عمر بن معدي كرب:
فكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان وقرأ أبي بن كعب وعيسى بن عمر وابن أبي إسحاق وابن عامر (قليلا) بالنصب، وكذا هو في مصاحف أهل الشام على (النصب) وقيل: فيه اضمار تقديره إلا أن يكون قليلا منهم.
قال الحسن ومقاتل: لما نزلت هذه الآية قال عمر وعمار وابن مسعود وناس صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم القليل: والله لو أمرنا لفعلنا، فالحمد لله الذي عافانا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إن من أمتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي).
قال الله تعالى: " * (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا) *) تحقيقا وتصديقا لإيمانهم.
" * (وإذا لأتيناهم من لدنا أجرا عظيما) *) ثوابا.
" * (ولهديناهم صراطا مستقيما ومن يطع الله والرسول) *) نزلت هذه الآية في ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم، وقد تغير لونه (ونحل جسمه يعرف في وجهه الحزن) وقل لحمه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا ثوبان ما غير لونك؟)؟
فقال: يا رسول الله مابي مرض، ولا وجع، غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك، وتوجست وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك، لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين وأني وإن أدخلت الجنة، كنت في منزلة أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل الجنة فذلك حين لا أراك أبدا