" * (واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا) *) يمنعنا من المشركين فأجاب الله دعاءهم.
فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة جعل الله لهم النبي وليا فاستعمل عليها عتاب بن أسيد.
فجعله الله لهم نصيرا وكان ينصف للضعيف من الشديد فنصرهم الله به وأعانهم وكانوا أعز بها من الظلمة قبل ذلك.
وفي هذه الأية دليل على إبطال قول من زعم أن العبد لا يستفيد بالدعاء معنى لأن الله تعالى حكى عنهم إنهم دعوه وأجابهم وآتاهم ما سألوه ولولا أنه أجابهم إلى دعائهم لما كان لذكر دعائهم معنى، والله أعلم.
" * (الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله) *) أي طاعته " * (والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت) *) أي في طاعة الشيطان " * (فقاتلوا) *) أيها المؤمنين " * (أولياء الشيطان) *) أي حزبه وجنده " * (إن كيد الشيطان) *) ومكره وصنيعه ومكر من اتبعه " * (كان ضعيفا) *) كما خذلهم يوم بدر. " * (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) *).
قال الكلبي: نزلت في عبد الرحمن بن عوف الزهري والمقداد بن الأسود الكندي وقدامة بن مظعون الجهني وسعد بن أبي وقاص الزهري وكانوا يلقون من المشركين أذى كثيرا وهم بمكة قبل أن يهاجروا إلى المدينة فيشكون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون يا رسول الله أئذن لنا في قتال هؤلاء فإنهم آذونا فيقول لهم: (كفوا أيديكم (عنهم) فإني لم أومر بقتالهم).
فلما هاجروا إلى المدينة وأمرهم الله بقتال المشركين وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى بدر فلما عرفوا إنه القتال كرهه بعضهم وشق عليهم فأنزل الله تعالى " * (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) *) بمكة عن القتال " * (وأقيموا الصلاة وآ توا الزكاة فلما كتب عليهم القتال) *) بالمدينة أي فرض " * (إذا فريق منهم يخشون الناس) *) يعني مشركي مكة " * (كخشية الله أو أشد) *) أي أكبر " * (خشية) *).
وقيل: وأشد خشية كقوله آية " * (وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال) *) لم فرضت علينا القتال " * (لولا أخرتنا إلى أجل قريب) *) يعني الموت ألا تركتنا إلى أن نموت بآجالنا.
واختلفوا في قوله تعالى " * (إذا فريق منهم) *) فقال قوم: نزلت في المنافقين لأن قوله " * (لم كتبت علينا القتال) *) أي لم فرضت، لا يليق بالمؤمنين، وكذلك الخشية من غير الله