فقالت أم حذافة له: ويحك ما أردت إلا أن تعرضني لرسول الله. فقال: كان الناس قد أذوني فيك فأحببت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كانوا صدقوا رضيت وسكت، وإن كذبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كفوا عني.
وقال أبو العالية: سأل المؤمنون أن يعطوا علامة يفرقون بها بين المؤمنين والمنافقين، فأنزل الله عز وجل " * (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه) *) واختلفوا في حكم الآية ونظمها:
فقال بعضهم: الخطاب للكفار والمنافقين من الكفر والنفاق " * (حتى يميز الخبيث من الطيب) *) وهذا قول ابن عباس والضحاك ومقاتل والكلبي وأكثر المفسرين.
وقال آخرون: الخطاب للمؤمنين الذين أخبر عنهم، ومعنى الآية: ما كان الله ليذركم يا معشر المؤمنين على ما أنتم عليه من التباس المؤمن بالمنافق، حتى يميز الخبيث من الطيب، وعلى هذا القول هو من خطاب التلوين، رجع من الخبر إلى الخطاب كقوله: " * (وجرين بهم) *).
وكقول الشاعر:
يا لهف نفسي كان جلدة خالد وبياض وجهك للتراب الأعفر وهذا قول أكثر أهل المعاني، واللام في قوله: " * (ليذر) *) لام الجحد، وهي في تأويل كي، ولذلك نصب ما بعدها حتى يميز.
قرأ الحسن وقتادة وأهل الكوفة: بضم الياء والتشديد وكذلك التي في الأنفال، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم.
الباقون: بفتح الياء مخففا.
يقال: بان الشيء يميزه ميزا وميزه تميزا، إذا فرقه وامتاز وانماز هو بنفسه.
قال أبو معاذ يقال: مزت الشيء أميزه ميزا إذا فرقت بين شيئين، فإذا كانت أشياء قلت: ميزتها تمييزا، ومثله إذا جعلت الشيء الواحد شيئين، قلت: فرقت بينهما، ومنه فرق الشعر، فإن جعلت أشياء قلت: فرقه وفرقها تفريقا، ومعنى الآية: حتى يميز المنافق من المخلص فيميز الله المؤمنين يوم أحد من المنافقين، حيث أظهروا النفاق وتخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قتادة: حتى يميز المؤمن من الكافر بالهجرة والجهاد، ونظيرها في سورة الأنفال. ابن