تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١٨٣
الثواب، " * (ثواب الدنيا) *) النصرة والغنيمة " * (وحسن ثواب الآخرة) *) الأجر والجنة " * (والله يحب المحسنين يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا) *) يعني اليهود والنصارى، فقال علي (رضي الله عنه): يعني المنافقين في قولهم للمؤمنين عند الهزيمة: ارجعوا إلى إخوانكم وادخلوا في دينهم، " * (يردوكم على أعقابكم) *) يرجعوكم إلى أول أمركم الشرك بالله تعالى " * (فتنقلبوا خاسرين) *) فتنقلبوا مغبونين ثم قال " * (بل الله مولاكم) *) ناصركم وحافظكم على دينكم " * (وهو خير الناصرين سنلقي) *).
قال السدي: لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين نحو مكة، انطلقوا حتى بلغوا بعض الطريق ثم إنهم ندموا وقالوا: بئسما صنعنا، قتلناهم حتى لم يبق منهم إلا الشريد وتركناهم رجعوا. فلما عزموا على ذلك قذف الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا به. وستأتي هذه القصة بتمامها إن شاء الله وما نزل الله تعالى فيها.
" * (سنلقي) *) قرأ أيوب السختياني: سنلقي بالله يعني الله عز وجل لقوله: " * (بل الله مولاكم) *)، قرأ الباقون: بالنون على التعظيم أي سنقذف، " * (في قلوب الذين كفروا الرعب) *) الخوف وثقل عينه، أبو جعفر وابن عامر والكسائي ويعقوب، وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم وخففها الآخرون.
" * (بما أشركوا بالله) *) هو (ما) المصدر، تقديره باشراكهم بالله " * (ما لم ينزل به سلطانا) *) حجة وبيانا وعذرا وبرهانا، ثم أخبر عن مصيرهم فقال: " * (ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين) *) مقام الكافرين.
" * (ولقد صدقكم الله وعده) *)، قال محمد بن كعب القرظي: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، وقد أصابهم ما أصابهم بأحد، فقال ناس من أصحابه: من أين أصابنا وقد وعدنا بالنصر، فأنزل الله تعالى: " * (ولقد صدقكم الله وعده) *) الذي وعد بالنصر والظفر، وهو قوله: " * (بلى إن تصبروا وتتقوا) *) الآية، وقول رسول الله للرماة: (لا تبرحوا مكانكم فإنا لا نزل غالبين ما ثبتم)، والصدق يتعدى إلى مفعولين كالمنع والغصب ونحوهما، " * (إذ تحسونهم بإذنه) *) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل أحدا خلف ظهره واستقبل المدينة وجعل حنين وهو جبل عن يساره، وأقام عليه الرماة وأمر عليهم عبد الله بن جبير وقال لهم: (احموا ظهورنا فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا).
وأقبلوا المشركون وأخذوا في القتال، فجعل الرماة يرشفون بالنبل والمسلمون يضربونهم
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»