تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١ - الصفحة ١٤٨
هو ما آمن مؤمن أفضل من إيمان الغيب ثم قرأ: * (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة) * أي يديمونها ويأتمونها ويحافظون عليها بمواقيتها وركوعها وسجودها وحقوقها وحدودها وكل من واظب على شيء وقام به فهو مقيم له يقال أقام فلان الحج بالناس وأقام القوم [سوقهم] ولم يعطلوها قال الشاعر:
* فلا تعجل بأمرك واستدمه * فما صلى عصاك [كمستديم] أي أراد بالصلاة هاهنا الصلوات الخمس فذكرها بلفظ الواحد كقوله: * (فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب) * أراد الكتب وأصل الصلاة في اللغة: الدعاء ثم ضمت إليها [عبادة] سميت مجموعها صلاة لأن الغالب على هذه العبادة الدعاء.
وقال أبو حاتم الخارزمي: اشتقاقها من الصلا وهو النار فأصله من الرفق وحسن المعاناة للشيء؛ وذلك إن الخشبة المعوجة إذا أرادوا تقويمها [سحنوها بالنار] قوموها [بين خشبتين] فلذلك المصلي ينبغي أن يتأنى في صلاته ويحفظ حدودها ظاهرا وباطنا ولا يجعل فيها ولا يخف [ولا يعرف] قال الشاعر:
* فلا تعجل بأمرك واستدمه * فما صلى عصاك كمستديم * أي ما قوم أمرك كالمباني.
* (ومما رزقناهم) * أعطيناهم والرزق عند أهل السنة: ما صح الانتفاع به فإن كان طعاما فليتغدى به وان كان لباسا فلينقى والتوقي وإن كان مسكنا فللانتفاع به سكنى وقد ينتفع المنتفع بما هيئ الانتفاع به على الوجهين: حلالا وحراما فلذلك قلنا إن الله رزق الحلال والحرام [وأصل الرزق] في اللغة: هو الحظ والبخت.
* (ينفقون) * يتصدقون وأصل الإنفاق: الإخراج عن اليد أو عن الملك. يقال: نفق المبيع إذا كثر مشتروه وأسرع خروجه ونفقت الدآبة إذا خرجت روحها ونافقاء اليربوع من ذلك لأنه إذا أتي من قبل القاصعاء ضرب النافقاء برأسه فانتفق وأنفق إن خرج منه والنفق: سرب في الأرض له مخلص إلى مكان آخر يخرج إليه.
* (والذين يؤمنون) *: أي يصدقون * (بما أنزل إليك) *: يا محمد يعني القرآن * (وما أنزل من قبلك) *: يعني الكتب المتقدمة مثل صحف إبراهيم وموسى والزبور والأنجيل وغيرها.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»