تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١ - الصفحة ١٢٣
فمن ضم الهاء رده إلى الأصل لأنه لو أفرد كان مضموما عند الابتداء به ومن كسره فلأجل الياء الساكنة. ومن كسر الهاء وجزم الميم فإنه يستثقل الضم مع مجاورة الياء الساكنة والياء أخت الكسرة والخروج من الضم إلى الكسر ثقيل. ومن ضم الهاء والميم أتبع فيه الضمة. ومن كسر الهاء وضم الميم فإنه كسر الهاء لأجل الياء وضم الميم على الأصل والأختلاس للاستخفاف وإلحاق الواو والياء للاتباع والله أعلم. قال الشاعر في الميم المختلسة:
* والله لولا شعبة من الكرم * وسطة في الحي من خال وعم * * لكنت فيهم رجلا بلا قدم * * (غير المغضوب) * غير: صفة الذين. والذين معرفة ولا توصف المعارف بالنكرات ولا النكرات بالمعارف إلا إن الذين ليس بمعرفة موقتة ولكنه بمنزلة قولك: إني لأمر بالصادق غير الكاذب كأنك قلت: من يصدق لا من يكذب. ولا يجوز: مررت بعبد الله غير الظريف.
ومعنى كلامه: غير صراط الذين غضبت * (عليهم) *. في معنى الغضب واختلفوا في معنى الغضب من الله عز وجل فقال قوم: هو إرادة الانتقام من العصاة. وقيل: هو جنس من العقاب يضاد والرضا. وقيل هو ذم العصاة على قبح أفعالهم.
ولا يلحق غضب الله تعالى العصاة من المؤمنين بل يلحق الكافرين.
* (ولا الضالين) * عن الهدى.
وأصل الضلال الهلاك يقال ضل الماء في اللبن إذا خفي وذهب و: رجل ضال إذا أخطأ الطريق و مضلل إذا لم يتوجه لخير قال الشاعر:
* ألم تسأل فتخبرك الديار * عن الحي المضلل أين ساروا * قال الزجاج وغيره: وإنما جاز أن يعطف ب (لا) على غير؛ لأن غير متضمن معنى النفي؛ فهو بمعنى لا مجازه: غير المغضوب عليهم وغير الضالين كما تقول: فلان غير محسن ولا مجمل. فإذا كان (غير) بمعنى سوى لم يجز أن يعطف عليها ب (لا)؛ لأنه لا يجوز في الكلام عندي سوى عبد الله ولا زيد. وروى الخليل بن أحمد عن ابن كثير: * (غير المغضوب) * نصبا.
وقرأ عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما -: (وغير الضالين) وقرأ السختياني (ولا الضالئين) بالهمزة؛ لالتقاء الساكنين والله أعلم.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»