تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١ - الصفحة ٢٥٧
المخزومي ورهط من قريش قالوا: يا محمد أجعل لنا الصفا ذهبا ووسع لنا أرض مكة، وفجر الأنهار خلالها تفجيرا نؤمن بك.
فأنزل الله عز وجل " * (أم تريدون) *) يعني أتريدون والميم صلة لأن أم إذا كان بمعنى العطف لا تكون ابتداء ولا تأتي إلا مردودة على استفهام قبلها، وقيل معناه: بل يريدون كقول الشاعر:
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى وصورتها أم أنت في العين أملح أي بل أنت.
" * (أن تسألوا رسولكم) *) محمدا.
" * (كما سئل موسى من قبل) *) سأله قومه فقالوا: أرنا الله جهرة، وقال مجاهد: لما قالت قريش هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (نعم وهو كالمائدة لبني إسرائيل إن لم تؤمنوا عذبتم) فأبوا ورجعوا، والصحيح أن شاء الله إنها نزلت في اليهود حين قالوا: يا محمد أئتنا بكتاب من السماء تحمله، كما أتى موسى بالتوراة، لأن هذه السورة مدنية، وتصديق هذا القول قوله تعالى: " * (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك) *) في سئل ثلاث قراءات:
بالهمز: وهي قراءة العامة، و (سئل) بتليين الهمزة وهي قراءة أبي جعفر و (سئل) مثل (قيل) وهي قراءة الحسن.
" * (ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل) *) أخطأ وسط الطريق.
" * (ود كثير من أهل الكتاب) *) الآية نزلت في نفر من اليهود منهم: فنحاص بن عازورا وزيد ابن قيس؛ وذلك إنهم قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر بعد وقعة أحد: ألم تريا ما أصابكم ولو كنتم على الحق ماهزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم وأفضل ونحن أهدى منكم سبيلا. فقالوا لهم: كيف نقض العهد فيكم؟ قالوا: شديد.
قال: فإني قد عاهدت ألا أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ما عشت. فقالت اليهود: أما هذا فقد صبر، وقال حذيفة: وأما أنا فقد رضيت بالله ربا وبمحمد نبيا وبالإسلام دينا، وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين أخوانا.
ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بذلك فقال: (أصبتما الخير وأفلحتما). فأنزل الله تعالى " * (ود كثير من أهل الكتاب) *) أي تمنى وأراد كثير من اليهود
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»