تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١ - الصفحة ٢٤٥
" * (ولكن الشياطين كفروا) *) قرأ أهل الكوفة والشام بتخفيف النون ورفع الشياطين وكذلك في الأيمان " * (ولكن الله قتلهم) *) * * (ولكن الله رمى) *).
الباقون: بالتشديد ونصب ما بعده، ولكن كلمة لها معنيان نفي الخبر الماضي واثبات الخبر المستقبل، وهي مبنية من ثلاث كلمات أصلها لا كان لا نفي والكاف خطاب وإن نصب ونسق فذهبت الهمزة استثقالا وهي تثقل وتخفف فإذا ثقلت نصب بها ما بعدها من الأسماء كما تنصب بأن الثقيلة فإذا خففها رفعت بها ما ترفع بأن الخفيفة.
" * (يعلمون الناس السحر) *) قال بعضهم: السحر العلم والخطابة دليله قوله: بان الساحر: أي العالم.
وقال بعضهم: هو التمويه بالشيء حتى يتوهم المتوهم إنه شيء ولا حقيقة له كالسراب غير من رآه وأخلف من رجاه قال الله تعالى: * (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) * * (وما أنزل على الملكين) *) محل ما بعد اتباع التعليم عليه معناه لا يعلمون الذي أنزل على الملكين أي (......) ويجوز أن يكون نصبا بالاتباع تقديره: واتبعوا ما أنزل على الملكين، وجعل بعضهم ما جحدا وحينئذ لا محل له يعني لم ينزل السحر على الملكين كما زعم اليهود، وإنما يعلمونهم (...... من ذات) أنفسهم والقول الأول أصح.
وقرأ ابن عباس والحسن والضحاك ويحيى بن أبي كثير: ملكين بكسر اللام، وقالوا: هما رجلان ساحران كانا ببابل من الملائكة لا يعلمون الناس السحر، وفسرهما الحسن فقال: غلجان ببابل وهي بابل عراق وسمي بابل لتبلبل الألسنة بها عند سقوط صرح نمرود أي تفرقها.
أو ان الله تعالى امتحن الناس بالملكين في ذلك الوقت فمن شقى بتعلم السحر منهما فيكفر به ومن سعد بتركه فيبقى على الإيمان فيزداد المعلمان بالتعليم عذابا ففيه ابتلاء المعلم والمتعلم والله تعالى يمتحن عباده بما يشاء كما يشاء فله الأمر والحكم.
وقال الخليل بن أحمد: إنما سميت بابل لأن الله تعالى حين أراد أن يخالف بين ألسنة بني آدم بعث ريحا فحفرتهم من كل أفق إلى بابل فبلبل الله ألسنتهم فلم يدري أحد ما يقول الآخر، ثم فرقتهم تلك الريح في البلاد وهو لا ينصرف؛ لأنه اسم موضع معروف.
" * (هاروت وما روت) *) اسمان سريانيان في محل الخفض على تفسير الملكين بدلا منهما إلا أنهما نصبا لعجمتهما ومعرفتهما وكانت قصتيهما على ما ذكره ابن عباس والمفسرون: إن
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»