تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ٤٨
كمشكاة والمشكاة القلب والمصباح النور الذي قذف فيه المصباح في زجاجة النور مؤيد بالتوفيق، والتوفيق مثبت فيه بصحة المعرفة، والزجاجة كأنها كوكب دري كالنور والمعرفة تضيء في قلب العارف بنور التوفيق، مصباح النور كالكوكب الدري، والكوكب الدري كنور المعرفة الذي يضيئ من قلب المؤمن، توقد من شجرة مباركة تضيئ على شخص مبارك وهو نفس المؤمن متى تبين أنوار باطنة على آداب طاهرة، وحسن معاملته زيتونة لا شرقية ولا غربية، جوهرة صافية لاحظ لها في الدنيا، ولا في الآخرة، لاختصاصها بمولاها، و تفردها بالفرد الجبار.
وقيل: * (لا شرقية ولا غربية) *.
ولا مشركة في أعماله ولا مرابية في أحواله يكاد نور معرفة قلب المؤمن نطق بما في سره، ويضيء على من يصحبه ويتبعه وإن لم يكن له منها علم، ولا عنها خير ((نور على نور)) نور المعرفة يزيد على نور الأيمان: وقيل: نور على نور، نور المشاهدة يغلب على نور المتابعة.
وقيل: نور الجمع يعلو أنوار التفرقة، وقيل: نور الروح يهدي إلى السر شعاع الفردانية، ونور السر يهدي إلى القلب ضياء الوحدانية، ونور القلب يهدي إلى الصدر حقيقة الإيمان، ونور السر يهدي إلى الصدر آداب الإسلام فإذا جاء نور الحقيقة غلبت هذه الأوار وإفراد العارف عنها وأفناه منا وحصله في محل البقاء مع الحق متسما بسمته مترسما برسمه، ولا يكون للحدث عليها أثر بحال لأن محل أنوار الأحوال هو القيام معها ورؤيتها والسكون إليها فإذا جاء نور الحقيقة أفناه عن الحظوظ والمشاهدات، وإذا علا نور الحق خمدت الأنوار كلها وصارت الأحوال دهشا في فناء، وفناء في دهشة، وهو بحصول اسم ورسم وذهاب الحقيقة في عين الحق يهدي الله لنوره من يشاء، يخص الله بهذه الأنوار من سيقت له المشيئة فيه بالخصوصة ويضرب الله الأمثال للناس.
قال العقلاء الألباء الذين خصوا بالفهم عنه، والرجوع إليه لعلهم يتفكرون في أن الذي خصهم بهذه الأنوار والمراتب من غير سابقة إليه، ولا يتقرب إليه إلا بفضله وكرمه دون التسبيح والصلوات.
قال بعضهم في قوله تعالى: * (الله نور السماوات والأرض) * قال: هو شواهد ربوبيته ودلائل توحيده ظاهر فتمثل معرفته في قلوب العارفين كمصباح في مشكاة شبه نور المعرفة في القلوب بالمصباح، وشبه قلب المؤمن بالقنديل.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»