قال أبو بكر بن طاهر في هذه الآية: لم يستوف أوقاتهم في عبادتهم، وإنما وقت لهم أوقاتا ليرجعوا منها إلى صلاح أبدانهم وتعهد أحوالهم، ولم يوقت للمعرفة والذكر وقتا لئلا يغفل عنه في حال، ولا ينسين في حال فقال: * (فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) *.
قوله تعالى * (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن) * [الآية: 71].
قال بعضهم: لولا أن الله أمر بمخالفة النفوس ومباينتها لاتبع الخلق أهواءهم في شهوات النفوس ولو فعلوا ذلك لضلوا عن طريق العبودية، وتركوا أوامر الله، وأعرضوا عن طاعته، ولزموا مخالفته ألا ترى الله يقول: * (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض) *.
قال الواسطي رحمه الله في هذه الآية: أول ما كاشف الله خلقه كاشفهم بالمعارف، ثم بالوسائل ثم بالسكينة ثم بالبصائر، فلما عاينوا الحق بالحق ونوا عن كل همة وإرادة.
قوله تعالى: * (وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم) * [الآية: 73].
قال بعضهم: أقصد الطرق، وأسد المناهج، وما يؤديك إلى الاستقامة في الطريق وهو طريق الاتباع الذي يكشف آخرها عند السداد والصواب.
قال ابن عطاء رحمه الله: وإنك لتحملهم على مسالك الوصول، وليس كل أحد يصلح لذلك السلوك، ولا يوافق لها إلا أهل الاستقامة، وهم الذين استقاموا لله.
واستقاموا مع الله فلم يطلبوا منه سواه، ولم يروا لأنفسهم درجة ولا مقاما.
قوله عز وجل: * (وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون) * [الآية: 74].
قال أبو بكر الوراق: من لم يهتم لأمر معاده، ومنقلبه وما يظهر عليه في الملأ الأعلى والمشهد الأعظم فهو ضال عن طريقته غير متبع، أرشده وأحسن منه حالا من يهتم لما جرى له في السبق من ربه لأن هذا المصدر فرع لتلك السابقة.
قال الله تعالى: * (وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون) *.
قوله تعالى: * (ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر) [الآية: 75].
قال الرحمة من الله على الأرواح المشاهدة، ورحمته على الأسرار المراقبة، وعلى