قال الخراز: من خلقه من نوره ثم أحرقه بنوره ثم أعاده في أكبر كبريائه من نور إذا خلى له لم يحترق لأنه يكون هو نور من نوره على نور من نوره, قال الله تعالى: * (نور على نور) * [الآية: 35].
قال الجوزجاني في قوله: * (نور على نور) * الرجاء مثل النور والخوف مثل النور، والمحبة مثل النور فإذا اجتمعت في قلب المؤمن يكون نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء يوصل الله إلى هذه الأنوار من نوره في الأزل، بأنوار قدسه فتغير هذه الأنوار التي في الباطن على الظاهر في أداء الفرائض، واجتناب المحارم، وأعمال الفضائل، والتطوع فيصير المؤمن منورا بنور الله وإلى الله متصلا بتوحيده يحول معه في ميادين الرضا ويجتبي ثمرات المحبة والصفاء فإن عمل أخلص، وإن فتر تحقر وهذا بيان قوله: * (نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء) * بنوره إلى قدرته، وبقدرته إلى غيبه وبغيبه إلى قدمه وبقدمه إلى أزله، وبأزله وأبده إلى وحدانيته.
قال الحسين: في الرأس نور الوحي، وبين العينين نور المناجاة وفي السمع نور اليقين، وفي اللسان نور البيان، وفي الصدر نور الإيمان، وفي الطبائع نور التسبيح، فإذا التهب شيء من هذه الأنوار غلب على النور الآخر فأدخله في سلطانه فإذا سكن عاد سلطان ذلك النور أوفر، وأتم مما كان فإذا التهب جميعا صار نورا على نور * (يهدي الله لنوره من يشاء) *.
وقال بعضهم: * (الله نور السماوات والأرض) *: الآخرة نور على نور متصلة الأزل.
وقال بعضهم: من خلقه من نوره وأحرقه بنوره ثم أعاده بأكبر كبريائه من نوره ثم إذا تجلى له لم يحترق لأنه نور من نوره، في نوره.
قال الله تعالى: * (الله نور السماوات والأرض) * على نوره يهدي الله لنوره من يشاء.
وقال الجوزجاني: * (الله نور السماوات والأرض) * بدأ بنوره والنور البيان فالسماوات والأرض منورة بنور الله وبيانه ومن نوره، وبيانه نور اليقين وهو سراج منير في قلب المؤمن كما قال الله تعالى: * (مثل نوره) * في قلب المؤمن منور بالإيمان يلمع به لأنه حبيب الله، ونوره بنور الله ونظر إلى السماوات بنور الله فاستغرقت السماوات والأرض في نور الله فيرى ربه بنوره في السماوات أنها صفة روقها بغير عمد من تحتهن ولا علائق من فوقهن متمسكات بقدرته فنظر بنور الله من مملكته إليه، ومنه إلى مملكته فخضع له