ما ذكر في سورة الليل بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: * (إن سعيكم لشتى) * الآية: 4].
سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم يقول: قال ابن عطاء: هذه الآية تدل على أن من الناس من يكون سعيه بقوله وفعله، ومنهم من يكون سعيه بنيته دون قوله وفعله، ومنهم من يكون سعيه بنيته وقلبه وفعله، ومنهم من يكون سعيه في طلب الدنيا، ومنهم من يكون سعيه في طلب الآخرة ومنهم من يكون سعيه لوجهه لا للدنيا ولا للآخرة. وأدون الناس سعيا من سعى لهذه الفانية، وأعظمهم همة من سعى لوجهه فذاك الذي لا يغيب سعيه ولا يبطله عمله.
سمعت الحسين بن يحيى يقول: قال: أبو عبد الله النهرواني: إذا ابغض الله عبدا أعطاه ثلاثة ومنعه ثلاثا يحبب إليه الصالحين ويمنعه القبول منهم ويحبب إليه الأعمال ويمنعه الاخلاص، ويجري على لسانه الحكمة ويمنعه الصدق فيها.
قال ابن عطاء رحمه الله: باطن هذه الآية أن يرى سعيه قسمة من الحق له من قبل التكوين، والتخليق لقوله: * (نحن قسمنا بينهم معيشتهم) * [الزخرف: 32] وإن السعي مراتب كمراتب المتصلين بالسلطان.
والواصلين إليه، والندماء: والجلساء وأصحاب الأسرار كذلك سعى المريدين، والمرادين، والعارفين، والمحبين، والمشتاقين، والواصلين والفانين عن أوصافهم، والمتصفين بأوصاف الحق هذا إلى ما لا عبارة له ولا غاية، إن سعيكم لشتى.
قوله تعالى: * (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى) * [الآية: 5، 6].
قال بعضهم: أعطى الدارين، ولم يرهما شيئا في طلب رضا الله واتقى اللغو، والشبهات وصدق بالحسنى أقام على طلب الزلفى.
قال سهل رحمه الله: المعرفة.
وقال بعضهم: العافية في الدنيا، والمغفرة في العقبى.