تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ٣٢١
قوله تعالى: * (ولا تكونوا كالذين نسوا الله) * [الآية: 19].
قال سهل: نسوا الله عند الذنوب فأنساهم الله الاعتذار وطلب التوبة.
قال الواسطي: هو من فرغ من شاهده إلى شاهده ولم يفرغ إلى ربه فيما أمره به ودعاه إليه.
قال ابن عطاء في هذه الآية: من ابلاه الله بنسيان نفسه ومشاهدة ذلته وقلبه كان ذلك بدأ عقوبة من الله إياه على إعراضه عن الله واغماضه عن صنعه ثم يزداد على الله جزاؤه لقلة مشاهدته فمن كان كذلك لا ترجى له السلامة لفقدان آثار السلامة.
قال بعض الحكماء: رأينا أنفسنا متبعة لما تهوى فيجب علينا الوقوف عندها حتى تنظر ما هذا الذي يقطعنا عن الله ونحن بقربه فلم نجد لأنفسنا آفة إلا النسيان ولم نجد للنسيان آفة إلا سوء الرعاية ولم نجد لسوء الرعاية آفة إلا قلة التفكير فيما وعد الله وأنذر ولم نجد لقلة التفكر آفة إلا اعتقاد حب الدنيا ثم وجدنا اعتقاد حب الدنيا ميراث إيثار النفس على ربها واختيار محبتها على محبته وهواها على رضاه وذلك ميراث الغفلة على الله ومن نسي الله أداه موارث نسيانه إلى نسيان نفسه. قال الله: * (ولا تكونوا كالذين نسوا الله) * الآية. فمن أراد بإذن الله تنبيه نفسه عن رقدة الغفلة والنسيان فليشغل نفسه بطلب ما أراد الله منها دون ما أرادت نفسه منها وليتخذ عقله دليلا على هوى نفسه فهنالك يصفو ذكره فإذا صفى ذكره آثره على نفسه فإذا آثر رضاه على هدى نفسه زال حب الدنيا عن قلبه لأن حب الدنيا إنما احجبها عن قلبه انحلت عقدتها.
قوله تعالى: * (لون أنزلنا هذا القرآن على جبل) * [الآية: 21].
قال ابن عطاء: أشار إلى فضله وإلى أوليائه وأهل معرفته أن شيئا من الأشياء لا يقول بصفاته ولا يبقى مع تجليه إلا من قواه الله على ذلك وهو قلوب العارفين فقاموا له به لا بغيره فهو القائم بهم لا هم.
قوله تعالى: * (عالم الغيب والشهادة) * [الآية: 22].
قال سهل: الغيب السر والشهادة العلانية.
وقال أيضا: عالم بالدنيا والآخرة.
وسئل بعضهم عن ذات الله؟ فقال: إن سألت عن قوله فقوله: * (إنما قولنا لشيء إذا أردناه..) * الآية. وإن سألت عن فعله: * (كل يوم هو في شأن) * وإن سألت عن وصفه فقوله: * (هو الله أحد) * الآية. وإن سألت عن اسمه فقوله. * (هو الذي لا إله إلا هو
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»