ذكر ما قيل في سورة الحشر بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: * (فاعتبروا يا أولي الأبصار) * [الآية: 2].
قال أبو علي الجوزجاني: المعتبر يعتبر إذا رأى من الدنيا شيئا ليس له إليه حاجة فكأنه جاء من الآخرة وهو يريد العود إليها يرى الدنيا للفناء وينظر العاملين فيها للموت وعمارتها للخراب وأولو الأبصار هم أهل البصائر في أمر الله وطاعته رأوا الدنيا بعين الفناء والآخرة بعين البقاء فهم المعتبرون لا غير.
وقال يحيى بن معاذ: من لم يعتبر بالمعاينة لم ينتفع بالموعظة من اعتبر بالمعاينة استغنى عن الموعظة قال الله: * (فاعتبروا يا أولي الأبصار) *.
قوله تعالى: * (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم) * [الآية: 8].
قال ابن عطاء: هم الذين تركوا كل علاقة وسبب ولم يلتفتوا من الكون وفرغوا أنفسهم لعبادة ربهم واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم وشغلهم فرحهم بما وفق لهم من معرفة ربهم وطاعة رسوله عن عن حب الأهل والولد والديار والأموال وفقوا له من أولئك الذين أثنى الله عليهم وجعلهم أئمة العارفين ومحل أدب المريدين.
سمعت سعيد بن أحمد يقول: سئل أبو الحسين البوشيخي عن التصوف ما هو؟
فقال: فراغ القلب وخلو اليدين وقلة المبالاة بالاشكال أما فراغ القلب ففي قوله:
* (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم..) * [الآية: 9]. وأما خلو اليدين فقوله:
* (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم) * الآية.
وأما قلة المبالاة بالأشغال فقوله: * (ولا يخافون لومة لائم) *. وقال الخراز: من عطف بقلبه على شيء سوى ربه فليس بفقير لأن الله يقول: * (للفقراء المهاجرين) * الآية.
وسئل الحسين: من الفقراء؟ فقال: الذين وقفوا مع الحق راضين على جريان إرادته فيهم.
قوله تعالى: * (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * [الآية: 7].