إحداها: أنه ليس من العبادات عبادة يشترك فيها المال والنفس إلا الحج فأخرجه بهذا الاسم.
وقيل: هي عبادة يكثر فيها التعب والنصب على مباشرتها فأخرجه بهذا الاسم ليكون عونا له على ما تباشره لعلمه أنه يؤدي ما لله عليه في ذلك.
وقيل: لما كان فيه الإشارات القيمة من تجريد ووقوف وغيرة قال الله تعالى: عليك لتهيئ باطنك للموقف الأكبر كما هيأت ظاهرك لهذا الموقف.
وفي الحج إشارات قيل: إن رجلا جاء إلى الشبلي فقال له: إلى أين؟ قال: إلى الحج، قال: هات غرارتين فاملأهما رحمة واكبسهما وجئ بهما لتكون حظنا من الحج نعرضها على من حضر ونحيي بها من زار، قال: فخرجت من عنده فلما رجعت قال لي: أحججت؟ قلت: نعم، قال لي: أي شيء عملت؟ قلت: اغتسلت وأحرمت وصليت ركعتين ولبيت، فقال لي: عقدت به الحج؟ قلت: نعم: قال أفسخت بعقدك كل عقد عقدت منذ خلقت مما يضاد هذا العقد، قلت: لا، قال: فما عقدت، قال: ثم نزعت ثيابك؟ قلت: نعم، قال: تجردت عن كل فعل فعلته؟ قلت: لا، قال: ما نزعت قال: ثم تطهرت؟ قلت: نعم. قال: أزلت عنك كل علة بطهرك؟ قلت: لا. قال: ما تطهرت قال: ثم لبيت؟ قلت: نعم. قال: وجدت جواب التلبية مثلا بمثل؟ قلت: لا.
قال: ما لبيت. قال: ثم دخلت الحرم؟ قلت: نعم، قال: عقدت بدخولك ترك كل محرم؟ قلت: لا، قال: ما دخلت الحرم. قال: أشرفت على مكة؟ قلت: نعم، قال:
أشرف عليك من الله حال بإشرافك؟ قلت: لا، قال: ما أشرفت على مكة. قال:
دخلت المسجد الحرام؟ قلت: نعم، قال: دخلت في قربه من حيث علمته؟ قلت: لا، قال: ما دخلت المسجد. قال: رأيت الكعبة؟ قلت: نعم، قال: رأيت ما قصدت له؟
قلت: لا. قال: ما رأيت الكعبة. قال: رملت ثلاثا ومشيت أربعا؟ قلت: نعم. قال:
هربت من الدينا هربا علمت أنك به فاصلتها، وانقطعت عنها ووجدت بمشيك الأربع أمنا مما هربت منه فازددت لله شكرا لذاك؟ قلت: لا. قال: فما انقطعت. قال:
أصافحت الحجر؟ قلت: نعم، قال: ويلك قيل من صافح الحجر فقد صافح الحق