سواه، فإياك أن تتعلق بعد سعيك بعلاقة من الدارين وما فيهما.
سمعت محمد بن الحسن البغدادي يقول: سمعت محمد بن أحمد بن سهل يقول:
سمعت سعيد بن عثمان يقول: سمعت عبد الباري يقول: سئل ذو النون لم صير الموقف بالمشعر الحرام ولم يصير بالحرم؟ فقال ذو النون: لأن الكعبة بيت الله والحرم حجابه والمشعر بابه، فلما أن قصدها الوافدون وقفهم بالباب. الأول: يتضرعون إليه حتى أذن لهم بالدخول ووقفهم بالحجاب.
الثاني: وهو المزدلفة فلما أن نظر إلى تضرعهم أمرهم بتقريب قربانهم، فلما قربوا قربانهم وقضوا تفثهم طهروا من الذنوب التي كانت لهم حجابا من دونه، فأذن لهم بالزيادة على الطهارة.
قال فارس: الإحرام هو الاعتقاد، والاعتقاد اعتقادان: اعتقاد قصد وإرادة واعتقاد استشعار في الحال.
وقال بعضهم: لما أجابوا التلبية أدخلوا الحرم مقامه مقام الدهليز، ثم دخلوا الحرم باعتقاد ترك كل محرم، ثم أشرفوا على الكعبة فأشرفت عليهم حال من الحق بإشرافهم على الحق، ثم دخلوا المسجد الحرام فشهدوا عند ذلك قربة فطافوا ولاذوا وحنوا وهرولوا، وكانوا في ذلك هداهم من الدنيا، والحجر شاهد لهم بوفاء عهودهم، وخرجوا إلى الصفا فصفوا عن كل كدورة من آفاق الدنيا والنفس، ولما وصلوا إلى منى وقع بهم التمني لما يأتلون فأعطوا ما تمنوا.
قوله تعالى: * (ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) * [الآية: 101].