والأبدية، لذلك قال خاطبهم فقال: * (كونوا ربانيين) *.
وقال في قوله: * (كونوا ربانيين) *: جذبهم بهذا من الافتخار بالطين إلى الافتخار بالحق.
وقال الجنيد رحمة الله عليه: أخرجهم من الكون جملة، وجذبهم إلى الحق إشارة، وإذا أردت أن تعرف مقامات الخلق ومواطنهم في الحقيقة، فانظر إلى تصرف أخلاقهم تجد كلا قائما في أشجانه، استقطعه ما وافق سريرته، فانظر بما ربطت القلوب فتشهد سرائرهم، لأنهم أخذوا من المصادر الأول، فمن لم يستقطعه إلا إنسال أنواره والحياء فيما ورد عليه أتقن كيفية باطنه على الحقيقة ينازعه في ربوبيته ويمن عليه بعبوديته ولا تشعر أنت.
وقال بعض العراقيين: أخرجهم من آدم وبرأهم منه كي ينسوا العبودية ويتركوا الافتخار بالماء والطين.
قوله تعالى: * (بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) *. من آلائي ونعمائي عليكم وبما كنت توليت من أموركم.
وقال الشبلي في قوله تعالى: * (كونوا ربانيين) * قال: أخرجهم عما خاطبهم به من العبودية، فمن استحق العلم به استحق علم الربانية، لأن الرباني النبي لا يأخذ العلوم إلا من الرب ولا يرجع في بيانه إلا إلى الرب جل وعلا.
قال الواسطي رحمة الله عليه في هذه الآية: * (كونوا ربانيين) * قال: لأن تكون ابن الأزل والأبد خير لك وأحسن من أن تكون من أبناء الماء والطين والأفعال والإحصاء والعدد.
وقال سهل: الرباني هو العالم بالله والعالم بأمر الله والمكاشف له من العلوم اللدني