سئل جعفر عن حقيقة هذه الشهادة ما هي؟ قال: هي مبنية على أربعة أركان: أولها اتباع الأمر، والثاني اجتناب النهي، والثالث القناعة، والرابع الرضا.
قال ابن عطاء: إن الله شهد لنفسه بالفردانية والصمدية والأبدية ثم خلق الخلق فشغلهم بعبادة هذه الكلمة فلا يطيقون حقيقة عبادتها، لأن شهادته لنفسه حق، وشهادتهم له بذلك رسم، وأنى يستوي الحق مع الرسم.
قال أبو عبد الله القرشي في قوله تعالى: * (شهد الله أنه لا إله إلا هو) * فقال: هو تعليم منه ولطف وإرشاد بعباده إلى أن تشهدوا له بذلك، ولو لم يعلمهم ذلك ولم يرشدهم لهلكوا كما هلك إبليس عند المعارضة. قال المزني: دخل أبو منصور مكة فسئل عن شهادة الذر للحق بالوحدانية وعن التوحيد، فقال: هذا يليق به من حيث رضى به نعتا وأمرا، ولا يليق به وصفا ولا حقيقة كما رضي بشكرنا لنعمه، وأنى يليق شكرنا بنعمه. قال: وما دمت تشير فلست بموحد حتى يستولي الحق على إشارتك بإخفائها عنك فلا تبقى مشيرا، وفي إشارة قوله تعالى: * (العزيز الحكيم) * قال: العزيز:
الممتنع عن أن تلحقه توحيد موحد، أو صفة التوحيد من حيث التوحيد ما شهد به الحق لنفسه قبل الأكوان. وقال بعضهم: شهادة الله تعالى لنفسه بما شهد به شهادة صدق ولا تقبل الشهادة إلا من الصادقين، فظهر بهذا أنه لا يصح إلا للصادقين دون غيرهم من الخلق.
قال الحسين في قوله: * (شهد الله أنه لا إله إلا هو) * شهادته لنفسه أن لا صانع غيره، آمن بنفسه قبل أن يؤمن به مما وصف من نفسه، فهو المؤمن بغيبه الداعي إلى نفسه، والملائكة مؤمنون به وبغيبه داعين إليه، والمؤمنون يؤمنون به وبغيبه، داعون إليه بكتبه