المعرفة ولا لفهم الخطاب إلا بعد أن تقتل نفسك بالاجتهاد والرياضات، فيبقى جسمك هيكلا لا صفة له من صفاته ولا يؤثر عليه بقاء صورتها شيئا فتحيي قلبك وتكون نفسك رسما لا حقيقة لها، وقلبك حقيقة ليس عليه أثر من المريبين.
قوله تعالى: * (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته) * [الآية: 81].
كسب سيئة برؤية أفعاله، وأحاطت به خطيئته بظنه أن عمله ينجيه أو يقربه، فهم المبعدون عني بما تقربوا به إلي.
قوله تعالى: * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات) *. [الآية: 82].
قيل آمنوا: أيقنوا أن النجاة في سعادة الأزل، وأنه ليس في الطاعات إلا اتباع الأمر فيها، وعملوا الصالحات اتقوا من صالح أعمالهم لعلمهم بقصورها عن حقيقة تعبده، أولئك هم الواصلون إلى الرضوان الأكبر زيادة في قوله تعالى * (توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم) * أي: امنعوها عن الاشتغال بعبادة غيره.
وقيل: اقتلوا أنفسكم في طاعته ثم توبوا إليه من أفعالكم وأقوالكم وطاعاتكم.
وقال أبو منصور: توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم قال: التوبة محو البشرية وإثبات الإلهية وقتل النفس عما دون الله وعن الله حتى يرجع إلى أصل القدم ويبقى الحق كما لم يزل.
وقال تعالى: * (وإن يأتوكم أسارى) * [الآية: 85].
قال أبو عثمان: وإن يأتوكم غرقى في رؤية أفعالهم تنقذوهم من ذلك برؤية المنن.
قال الجنيد رحمه الله: وإن يأتوكم أسارى في أسباب الدنيا تنقذوهم إلى قطع العلائق والأسباب فإن الحق أبى أن يتجلى لقلب متعلق بشيء.
وقال بعض البغداديين: وإن يأتوكم أسارى في صفاتهم ونعوتهم تفادوهم أي تخلوا عنهم وثاق صفاتهم بصفات الحق ونعوته.
قوله تعالى: * (قلوبنا غلف) * [الآية: 88].
أي: حرم قسم السعادة لها في الأزل.
قوله تعالى: * (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) * [الآية: 96].
قال بعض الخراسانيين وهو محمد بن الفضل: لعلمهم بما قدموا من الآثام والخلاف وهذا حال الكفار فواجب على الموحى أن يكون حاله ضد هذا أن يكون مشتاقا إلى