إليه، واختصاص الخلقة به، واستقامة التوبة وتعليم الأسماء والإشراف على الغيب فنكلوا عن السجود فلما أظهر الحق تعالى بهذه الخصائص عليه، سجدوا وقالوا:
سبحانك أنت تخص من تشاء من عبادك بخصائص الولاية، وتنعته بنعوت الربانية، وتجذبه إلى بساط القربة وأنت الفعال لما تريد.
قال الواسطي: الفرق بين روح آدم، وبين الأشياء تسوية الخلقة، وتخصيص الإضافة فقربت من الله تعالى، وعرفته، ومكنتها من حكمه فغيبت، ورجعت إليه بالإشارة، وقطعت عنه العبادة وذلك كله من عز الفخر إذا لم يلبسها ذل القهر زينها بخلقه فتخلقت بخلقه وتأدبت بصفته، وكانت به تنطق، وبإشارته تعقل وهذا تفسير قوله * (فإذا سويته) *.
قوله عز وجل: * (فسجد الملائكة كلهم أجمعين إلا إبليس) * [الآية: 30، 31].
قال أبو عثمان: فتح الله تعالى أعين الملائكة بخصائص آدم، وأعمى عين إبليس عن ذلك فرجعت الملائكة إلى الاعتزاز، وأقام إبليس على منهج الإحتجاج بقوله * (أنا خير منه) *.
سئل بعضهم: لم امتنع إبليس من السجود وأبى مع علمه؟ قال: لأن علمه كان علم عارية عنده فلم يكن حقيقة، إنما كان مستودعا فيه لأجل هلاكه، فلما ظهر الوقت جحد ما كان يعرف وأبى ما كان يطيع.
قوله تعالى: * (وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين) * [الآية: 35].
قال الواسطي: اللعنة التي لم تزل تستحقه منى وإن كانت الأوقات جرت عليك بزينة السعادة.
قوله عز وجل: * (لأزينن لهم في الأرض ولأغيونهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) * [الآية: 39 - 40].
قال أبو حفص: العبد المخلص من لا يخالف سيده ظاهرا وباطنا وسرا وعلنا.
قال أبو عثمان: المخلص من العبيد هم الواقفون مع الله تعالى عند حدوده.
قال رجل ليحيى بن معاذ: بماذا أكرم الله تعالى عباده المخلصين؟ قال: بالإيمان بالغيب والمشاهدة.