تفسير السلمي - السلمي - ج ١ - الصفحة ٣٣
قوله تعالى: * (الرحيم) *.
يقال: إن معنى الرحيم هو ما يخرج من الرحمة الرحيمية لمعاش الخلق ومصالح أبدانهم فلذلك لم يمنعوا أن يتسموا بالرحيم ومنعوا بالتسمية بالرحمن.
وقيل: إن معنى الرحيم أي بالرحيم وصلتم إلى الله وإلى الرحمن والرحيم بعث محمدا صلى الله عليه وسلم في قوله: * (بالمؤمنين رؤوف رحيم) * كأن معناه يقول بسم الله الرحمن الرحيم وبالرحيم محمد وصلتم إلى أن قلتم بسم الله الرحمن الرحيم، والرحيم هو الذي يقبلك بجميع عيوبك إذا أقبلت عليه، ويحفظك أتم الحفظ في العاجلة وإن أدبرت عنه، لاستغنائه عنك مقبلا ومدبرا.
قال ابن عطاء: في اسمه ' الرحيم ' مودته ورحمته، سمعت منصورا بإسناده عن جعفر في قوله ' الرحمن الرحيم ' قال: هو واقع على المريدين والمرادين، فاسم الرحمن للمرادين لاستغراقهم في الأنوار والحقائق، والرحيم للمريدين لبقائهم مع أنفسهم واشتغالهم بإصلاح الظواهر، والرحمن المنتهى بكرامته إلى ما غاية له لأنه قد أوصل الرحمة بالأزل وهو غاية الكرامة ومنتهاه بدءا وعاقبة، والرحيم وصل رحمته بالياء والميم وهو ما يتصل به من رحمة الدنيا والهدى والأرزاق.
قوله عز وجل: * (الحمد لله رب العالمين) *.
قال ابن عطاء: معناه الشكر لله إذا كان منه الامتنان على تعليمنا إياه حتى حمدناه.
وقيل معنى الحمد لله أي: لا حمدا لله إلا الله. وقيل الحمد لله أي: أنت المحمود لجميع صفاتك وأحوالك.
قال الواسطي: الناس في الحمد على ثلاث درجات، قالت العامة: الحمد لله على العادة، وقالت الخاصة الحمد لله شكرا على اللذة وقالت الآية: الحمد لله الذي لم ينزلنا منزلة استقطعنا النعمة عن شواهد ما أشهدنا الحق من حقه.
وذكر عن جعفر الصادق في قوله ' الحمد لله ' فقال: من حمده بجميع صفاته كما وصف نفسه فقد حمده، لأن الحمد حاء وميم ودال فالحاء من الوحدانية والميم من الملك والدال من الديمومة فمن عرفه بالوحدانية والملك والديمومة فقد عرفه.
وقال رجل بين يدي الجنيد رحمه الله: الحمد لله فقال لأتمها كما قال الله تعالى قل ' رب العالمين ' فقال الرجل ومن العالمين حتى يذكر مع الحق فقال قله يا أخي فإن المحدث إذا قرن بالقديم لا يبقى له أثر.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»