تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٥
يقول الله تعالى في كتابه * (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) * [النساء 23] وروي عن الحسن أنه قال * (اللمم) * هو أن يصيب النظرة من المرأة والشربة من الخمر ثم ينزع عنه وروي عن مجاهد أنه قال * (اللمم) * الذي يلم بالذنب ثم يدعه وقد قال الشاعر " إن تغفر اللهم تغفر جما * وأي عبد لله لا ألما " وقال بعضهم * (إلا اللمم) * ومعناه ولا اللمم كما قال القائل وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير والعيس يعني لا اليعافير ولا العيس وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إياكم والمحقرات من الذنوب) وسئل زيد بن ثابت عن قوله * (إلا اللمم) * قال حرم الله الفواحش ما ظهر منها وما بطن ثم قال * (إن ربك واسع المغفرة) * يعني واسع الفضل غافر الذنوب للذين يتوبون ويقال معناه رحمته واسعة على الذين يجتنبون الكبائر ثم قال * (هو أعلم بكم) * يعني هو أعلم بحالكم منكم * (إذ أنشأكم من الأرض) * يعني إذ هو خلقكم من الأرض يعني خلق آدم من تراب وأنتم من ذريته * (وإذ أنتم أجنة) * يعني كنتم صغارا * (في بطون أمهاتكم) * كان هو أعلم بحالكم منكم في ذلك كله * (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم) * يعني لا تبرؤوا أنفسكم من الذنوب ولا تمجدوها ويقال " ولا تزكوا أنفسكم " يعني لا يمدح بعضكم بعضا وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب) والمدح على ثلاثة أوجه أوله أن يمدحه في وجهه فهو الذي نهي عنه والثاني أن يمدحه بغير حضرته ويعلم أنه يبلغه فهو أيضا منهي عنه والثالث أن يمدحه في حال غيبته وهو لا يبالي بلغه أو لم يبلغه ويمدحه بما هو فيه فلا بأس بهذا ويقال * (فلا تزكوا أنفسكم) * يعني لا تطهروا أنفسكم من العيوب وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (الناس كإبل مائة لم يكن فيها راحلة) ثم قال * (هو أعلم بمن اتقى) * يعني من يستحق المدح ومن لا يستحق المدح سورة النجم 33 - 42
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»