تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٣ - الصفحة ٣٢
وروي عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال الإنسان في خلقه حسن والخنزير في خلقه حسن وكل شيء في خلقه حسن ومن قرأ بالنصب فعلى فعل الماضي يعني خلق كل شيء على إرادته وخلق الإنسان في أحسن تقويم ويقال الذي علم خلق كل شيء خلقه يعني علم كيف خلق ويقال هل تحسن شيئا يعني تعلم ومعناه الذي علم خلق كل شيء خلقه ويقال الحسن عبارة عن الزينة يعني الذي زين كل شيء خلقه وأتقنه كما قال " صنع الله الذي أتقن كل شيء " [النمل 88] ثم قال * (وبدأ خلق الإنسان من طين) * يعني خلق آدم عليه السلام من طين من أديم الأرض * (ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين) * يعني خلق ذريته من سلالة من النطفة التي تنسل من الإنسان وقال أهل اللغة كل شيء على ميزان فعالة فهو ما فضل من شيء يقال نشارة ونخالة ثم رجع إلى آدم عليه السلام فقال عز وجل * (ثم سواه) * يعني سوى خلقه * (ونفخ فيه من روحه) * ثم رجع إلى ذريته فقال * (وجعل لكم السمع والأبصار) * ويقال هذا كله في صفة الذرية يعني ثم * (جعل نسله من سلالة من ماء مهين) * يعني من نطفة ضعيفة * (ثم سواه) * يعني جمع خلقه في رحم أمه * (ونفخ فيه من روحه) * يعني جعل فيه الروح بأمره * (وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة) * ثم قال * (قليلا ما تشكرون) * يعني لا تشكرون رب هذه النعم على حسن خلقكم فتوحدوه فلا تستعملوا سمعكم وأفئدتكم إلا في طاعتي ويقال " ما " ههنا صلة فكأنه يقول تشكرونه قليلا ويقال " ما " بمعنى الذي فكأنه قال فقليل الذي تشكرون وقد يكون الكلام بعضه بلفظ المغايبة وبعضه بلفظ المخاطبة كما قال ها هنا * (ثم جعل نسله) * * (ثم سواه ونفخ فيه من روحه) * بلفظ المغايبة ثم قال * (وجعل لكم) * بلفظ المخاطبة سورة السجدة 10 - 12 ثم قال عز وجل * (وقالوا أئذا ضللنا في الأرض) * يعني هلكنا وصرنا ترابا * (أئنا لفي خلق جديد) * يعني أنبعث بعد الموت وأصله ضل الماء في اللبن إذا غاب وهلك وروي عن الحسن البصري رحمه الله أنه قرأ " أئذا صللنا " بالصاد وتفسيره النتن يقال صل اللحم إذا أنتن وقراءة العامة بالضاد المعجمة أي هلكنا وقرأ ابن عامر " وقالوا إذا ضللنا " بغير استفهام * (أئنا لفي خلق جديد) * على وجه الاستفهام قال لأنهم كانوا يقرون بالموت
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»