تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٤٦٠
فعل ما لم يسم فاعله وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر * (من يصرف) * بنصب الياء ومعناه من يصرف الله عنه ولأنه سبق ذكره قوله * (ربى) * فانصرف إليه ثم قال * (وذلك الفوز المبين) * يعني صرف العذاب هو النجاة الوافرة وروى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال سددوا وقاربوا وأبشروا واعلموا أنه لا ينجو أحد بعمله قالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أنت قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته يعني أن الخلق كلهم ينجون برحمة الله تعالى سورة الأنعام 17 - 19 ثم خوفه ليتمسك بدينه فقال تعالى * (وإن يمسسك الله بضر) * يعني إن يصبك الله بشدة أو بلاء * (فلا كاشف له إلا هو) * يعني لا يقدر أحد من الآلهة التي يدعونها ولا غيرها كشف الضر إلا الله * (وإن يمسسك بخير) * يقول وإن يصبك بسعة أو صحة الجسم فإنه لا يقدر أحد على دفع ذلك " فهو على كل شيء قدير " من الغنى والفقر والعافية ثم قال * (وهو القاهر فوق عباده) * يقول الغالب والعالي عليهم ويقال القادر والمالك عليهم * (وهو الحكيم) * في أمره * (الخبير) * بأفعال الخلق ثم قال " قل أي شيء أكبر شهادة " وذلك أن كفار مكة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا محمد أما وجد الله رسولا غيرك وما نرى أحدا من أهل الكتاب يصدقك بما تقول فأرنا من يشهد لك أنك رسول فقال الله تعالى * (قل) * لأهل مكة " أي شيء أكبر شهادة " يعني حجة وبرهانا ويقال من أكبر شهادة فإن أجابوك وإلا ف * (قل الله شهيد بيني وبينكم) * بأني رسول الله والشهيد في اللغة هو المبين وإنما سمى الشاهد شاهدا لأنه يبين دعوى المدعي بأمر الله نبيه عليه السلام بأن يحتج عليهم بالله الواحد القهار الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور وخلقهم أطوارا ثم قال * (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به) * يعني لأخوفكم بالقرآن يا أهل مكة * (ومن بلغ) * يعني ومن بلغه القرآن سواكم فأنا نذير وبشير من بلغه القرآن من الجن والإنس قال قتادة قال النبي صلى الله عليه وسلم بلغوا عني ولو آية من كتاب الله تعالى فمن بلغه فكأنما عاين النبي صلى الله عليه وسلم وكلمه وقال كعب بن محمد القرظي من بلغه القرآن فكأنما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قرأ
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»