تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٣٨٩
آمنوا) نزل بالمدينة وكل ما يقال في القرآن * (يا أيها الناس) * نزل أكثر بمكة وقد قيل نزل بالمدينة أيضا ويقال كل ما في القرآن * (يا أيها الذين آمنوا) * ذكر في الإنجيل يا أيها المساكين ثم قال * (أوفوا بالعقود) * يعني أتموا الفرائض التي ذكر الله تعالى في القرآن وعقد على عباده ما أحل لهم وحرم عليهم أن يوفوا بها وقال مقاتل * (أوفوا بالعقود) * يعني بالعهود التي بينكم وبين المشركين ويقال جميع العقود التي بينه وبين الناس والتي بينه وبين الله تعالى وهذا من جوامع الكلم لأنه اجتمع فيه ثلاثة أنواع من العقود أحدها العقود التي عقدها الله تعالى على عباده من الأوامر والنواهي والنوع الثاني العقود التي يعقدها الإنسان بينه وبين الله تعالى من النذور والأيمان وغير ذلك والنوع الثالث العقود التي بينه وبين الناس مثل البيوع والإجارات وغير ذلك فوجب الوفاء بهذه العقود كلها ثم قال تعالى * (أحلت لكم) * يعني رخصت لكم * (بهيمة الأنعام) * والأنعام تشتمل على الإبل والبقر والغنم والوحش دليله على قوله تعالى " ومن الأنعم حمولة وفرشا " سورة الأنعام 142 ثم قال تعالى * (ثمانية أزواج) * وأما البهيمة فهي كل حي لا يميز وإنما قيل لها بهيمة لأنها أبهمت من أن تميز ثم قال تعالى * (إلا ما يتلى عليكم) * يعني رخصت لكم الأنعام كلها إلا ما حرم عليكم في هذه السورة وهي الميتة والدم ولحم الخنزير وغير وذلك أنهم كانوا يحرمون السائبة والبحيرة فأخبر الله تعالى أنهما حلالان * (إلا ما يتلى عليكم) * يعني إلا ما بين لكم في هذه السورة ثم قال * (غير محلي الصيد وأنتم حرم) * يعني أحلت لكم هذه الأشياء من غير أن تستحلوا الصيد وأنتم محرمون ثم قال * (إن الله يحكم ما يريد) * يعني يحل ما يشاء ويحرم ما يشاء لأنه أعرف بصلاح خلقه وما يصلحهم وما لا يصلحهم وليس لأحد أن يدخل في حكمه وهذا كقوله تعالى * (ولا يشرك في حكمه أحدا) * سورة الكهف 26 وقال " لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون " سورة الأنبياء 23 سورة المائدة 2 قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله) * الشعائر ما جعله الله تعالى علامات
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»