تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٤٩
قوله تعالى * (الذين يؤمنون بالغيب) * يعني يصدقون بالغيب والغيب هو ما غاب عن العين وهو محضر في القلب وإنما أراد به أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن تابعهم إلى يوم القيامة أنهم يصدقون بغيب القرآن أنه من الله تعالى فيحلون حلاله ويحرمون حرامه ويقال يؤمنون بالغيب يعني بالله تعالى قال حدثنا القاضي الخليل بن أحمد قال حدثنا الديبلي قال حدثنا أبو عبيد الله قال حدثنا سفيان الثوري قال حدثنا أصحابنا عن الحرث بن قيس أنه قال لعبد الله بن مسعود نحتسب لكم يا أصحاب محمد ما سبقتمونا إليه من رؤية محمد صلى الله عليه وسلم وصحبته فقال عبد الله بن مسعود ونحن نحتسب لكم إيمانكم به ولم تروه وأن أفضل الإيمان إيمان بالغيب ثم قرأ عبد الله * (الذين يؤمنون بالغيب) * وقد قيل * (يؤمنون بالغيب) * يعني يصدقون بالبعث بعد الموت قوله * (ويقيمون الصلاة) * يعني يحافظون على الصلوات الخمس بمواقيتها وركوعها وسجودها والتضرع بعدها وقد قيل معناه يقيمون الصلاة أي يديمون الصلاة بمعنى المداومة وقد قيل إن العبد إذا صلى صلاة تقبل منه خلق الله تعالى منها ملكا يقوم ويصلي لله تعالى إلى يوم القيامة وثوابه لصاحب الصلاة فهذا معنى قوله * (ويقيمون الصلاة) * وقوله تعالى * (ومما رزقناهم ينفقون) * أي يتصدقون قال الكلبي وهو زكاة المال وروى أسباط عن السدي عن أصحابه قال هي نفقة الرجل على أهله وهذا قبل نزول آية الزكاة ويقال يعني يتصدقون صدقة التطوع ويقال هي عليهما جميعا الفريضة والتطوع سورة البقرة الآيات 4 - 5 قوله تعالى * (والذين يؤمنون بما أنزل إليك) * يعني بالقرآن قوله * (وما أنزل من قبلك) * يعني التوراة والإنجيل وسائر الكتب ويقال لما نزلت هذه الآية * (الذين يؤمنون بالغيب) * قالت اليهود والنصارى نحن آمنا بالغيب فلما قال * (ويقيمون الصلاة) * قالوا نقيم الصلاة فلما قال * (ومما رزقناهم ينفقون) * قالوا ننفق ونتصدق فلما قال * (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك) * نفروا من ذلك
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»