ظنوا أنهم يخادعون الله وقال بكر بن جريج يظهرون لا إله إلا الله يريدون أن يحرزوا بذلك دماءهم وأموالهم وأنفسهم ويقال يظهرون غير ما في أنفسهم وهذا موافق لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (علامة المنافق ثلاث إذا وعد أخلف وإذا أوتمن خان وإذا حدث كذب) وقوله * (وما يخدعون إلا أنفسهم) * قرأ أهل الكوفة حمزة وعاصم والكسائي * (وما يخدعون) * بغير ألف وقرأ الباقون " وما يخادعون " بالألف وتفسير القراءتين واحد يعني وبال الخداع يرجع إليهم يضر بأنفسهم وقوله * (وما يشعرون) * قال الكلبي يعني وما يعلمون أن الله يطلع نبيه على كذبهم وقال بعضهم معناه وما يشعرون أن وبال الخداع يرجع إليهم سورة البقرة آية 10 قوله تعالى * (في قلوبهم مرض) * يعني شكا ونفاقا وظلمة وضعفا لأن المريض يكون فيه فترة ووهن والشاك أيضا في أمره فترة وضعف وعبر بالمرض عن الشك لأن المنافقين فيهم ضعف ووهن ألا ترى إلى قوله تعالى * (يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو) * المنافقون 4 ويقال إن المريض يعرض للهلاك فسمي النفاق مرضا لأن النفاق يهلك صاحبه ثم قال تعالى * (فزادهم الله مرضا) * وهذا اللفظ يحتمل معنين يحتمل الخبر عن الماضي ويحتمل الدعاء فإن كان المراد به الخبر فمعناه في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا إلى مرضهم كما قال آية أخرى * (فزادتهم رجسا إلى رجسهم) * التوبة 125 لأن كل سورة نزلت يشكون فيها فكان ذلك زيادة المرض لهم وللمؤمنين زيادة اليقين وإن كان المراد به الدعاء فمعناه فزادهم الله مرضا على مرضهم على وجه الذم والطرد لهم كما قال في آية أخرى " قتلهم الله " التوبة 30 فإن قيل كيف يجوز أن يحمل على وجه الدعاء وإنما يحتاج إلى الدعاء عند العجز قيل له هذا تعليم من الله تعالى أنه يجوز الدعاء على المنافقين والطرد لهم لأنهم شر خلق الله تعالى ولأنه وعد لهم يوم القيامة الدرك الأسفل من النار ثم قال * (ولهم عذاب أليم) * يعني مؤلما أي عذاب وجيع يخلص وجعه إلى قلوبهم قوله * (بما كانوا يكذبون) * يعني مجازاة لتكذيبهم
(٥٣)