تفسير ابن أبي حاتم - ابن أبي حاتم الرازي - ج ١٠ - الصفحة ٣٢١٤
لا، فما صنعت أنت؟ قال: أمري كله قد تم الا شيئا واحدا، فلانة قد مات، عنها زوجها فاصدقتها ألف دينار فجاءتني بها ومثلها معها. فقال له المؤمن: أو فعلت؟
قال: نعم: فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله ان يصلي فلما انصرف اخذ الألف دينار الباقية، فوضعها بين يديه، وقال: ' اللهم ان فلانا يعني شريكه الكافر تزوج زوجة من أزواج الدنيا فيموت غدا فيتركها، أو تموت فتتركه، اللهم واني اخطب إليك بهذه الألف الدينار حوراء عيناء في الجنة، ثم أصبح فقسمها بين المساكين. قال: فبقي المؤمن ليس، عنده شيء. قال: فلبس قميصا من قطن وكساء من صوف ثم اخذ مرا فجعله على رقبته، يعمل الشيء ويحفر الشيء بقوته. قال: فجاءه رجل فقال: يا عبد الله اتؤاجرني نفسك مشاهرة شهرا بشهر تقوم على دواب لي تعلفها وتكنس سرقينها؟ قال: نعم: قال فواجره نفسه مشاهرة شهر بشهر، يقوم على دوابه قال: فكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه، فإذا رأى منها دابة ضامرة، اخذ يرأسه فوجا، عنقه، ثم يقول له: سرقت شعير هذه البارحة؟ فلما رأى المؤمن هذه الشدة قال: لاتين شريكي الكافر فلاعملن في ارضه فيطعمني هذه الكسرة يوما، ويكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال: فانطلق يريده فلما انتهى إلى بابه وهو ممس فإذا قصر مشيد في السماء، وإذا حوله البوابون فقال لهم: استأذنوا لي صاحب هذا القصر، فإنكم إذا فعلتم سره ذلك.
فقالوا له: انطلق ان كنت صادقا فنم في ناحية، إذا أصبحت فتعرض له، قال: فانطلق المؤمن، فالقى نصف كسائه تحته، ونصفه فوقه، ثم نام فلما أصبح اتى شريكه فتعرض له، فخرج شريكه الكافر وهو راكب، فلما راه عرفه فوقف عليه وسلم عليه وصافحه، ثم قال: ألم تأخذ من المال مثل ما اخذت؟ قال: بلى وهذه حالي وهذه حالك؟ قال: أخبرني ما صنعت في مالك؟ قال: لا تسألني، عنه. قال: فما جاء بك؟ قال: جئت اعمل في ارضك هذه، فتطعمني هذه الكسرة يوما بيوم، وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا. قال: لا، ولكن اصنع بك ما هو خير من هذا، ولكن لا ترى مني خيرا حتى تخبرني ما صنعت في مالك؟ قال: اقرضته قال: من؟ قال: الملئ الوفي. قال: من؟ قال: الله ربي. قال وهو مصافحه، فانتزع يده من يده، ثم قال: ائنك لمن المصدقين. ائذا متنا وكنا ترابا وعظاما ائنا لمدينون، قال السدى: محاسبون قال:
(٣٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3209 3210 3211 3212 3213 3214 3215 3216 3217 3218 3219 ... » »»