تفسير ابن أبي حاتم - ابن أبي حاتم الرازي - ج ١٠ - الصفحة ٣٢٥٩
منها، عنق ساطع مظلم، ثم يقول: ألم اعهد إليكم يا بني ادم ان لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين. وان اعبدوني هذا سراط مستقيم إلى قوله: وامتازوا اليوم أيها المجرمون فيميز بين الناس، وتجثوا الأمم قال: وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها، ويقفون واحدا مقدار سبعين عاما لا يقضي بينهم فيبكون حتى تنقطع الدموع، ويدمعون دما ويعرقون عرقا إلى أن يبلغ ذلك منهم ان يلجمهم العرق وان يبلغ الأذقان منهم.
فيصيحون ويقولون: من يشفع لنا إلى ربنا؟ فيقضي بيننا فيقولون: ومن أحق بذلك من أبيكم ادم عليه السلام، فيطلبون ذلك اليه، فيأبى ويقول: ما انا بصاحب ذلك، ثم يستفزون الأنبياء نبيا نبيا كلما جاؤوا نبيا أبى عليهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتوني فانطلق حتى اتي، فاخر ساجدا، قال: أبو هريرة رضي الله عنه وربما قال: قدام العرش، حتى يبعث إلي ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني فيقول يا محمد فأقول: نعم يا رب فيقول: ما شانك؟ وهو اعلم فأقول: يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجيئ فأقف مع الناس فيقضي الله بين الخلائق، فيكون أول من يقضي فيه في الدماء، ويأتي كل من قتل في سبيل الله يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون: يا ربنا قتلنا فلان وفلان... فيقول الله وهو اعلم اقتلتم؟ فيقولون: يا ربنا قتلنا لتكون العزة لك فيقول الله لهم: صدقتم فيجعل لوجوههم نورا مثل نور الشمس، ثم توصلهم الملائكة إلى الجنة، ويأتي من كان قتل على غير ذلك يحمل رأسه وتشتحب أوداجه فيقولون: يا ربنا قتلنا فلان وفلان. فيقول: لم؟ وهو اعلم فيقولون: لتكون العزة لك فيقول الله: تعستم ثم ما يبقى نفس قتلها الا قتل بها، ولا مظلمة ظلمها الا اخذ بها، وكان في مشيئة الله تعالى ان شاء عذبه وان شاء رحمه ثم يقضي الله بين ما بقي من خلقه حتى لا يبقى مظلمة لاحد، عند حد الا اخذها الله تعالى للمظلوم من الظالم، حتى أنه ليكلف يومئذ شائب اللبن للبيع الذي كان يشوب اللبن بالماء ثم يبيعه فيكلف ان يخلص اللبن من الماء، فإذا فرغ الله من ذلك نادى نداء اسمع الخلائق كلهم: الا ليلحق كل قوم بالهتهم، وما كانوا يعبدون من دون الله. فلا يبقى أحد عبد من دون
(٣٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3254 3255 3256 3257 3258 3259 3260 3261 3262 3263 3264 ... » »»