تفسير ابن أبي حاتم - ابن أبي حاتم الرازي - ج ٥ - الصفحة ١٦٨٧
ان نفرا من قريش ومن اشراف كل قبيلة، اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة واعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل، فلما رأوا قالوا: من أنت؟ قال: شيخ من أهل نجد، سمعت بما اجتمعتم له فأدرت ان أحضركم ولن يعدمكم مني رأي ونصح قالوا اجل فادخل فدخل معهم قال: انظروا في شان هذا الرجل فوالله ليوشكن ان يواثبكم في امركم بأمره فقال قائل: احبسوه في وثاق ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء زهير ونابغة، فإنما هو كأحدهم، فقال عدو الله - الشيخ النجدي: لا والله، ما هذا لكم براي والله ليخرجن رايه من محبسه إلى أصحابه فليوشكن ان يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم، ثم يمنعوه منكم فما امن عليكم ان يخرجوكم من بلادكم، فانظروا في غير هذا الرأي، فقال قائل: فأخرجوه من بين أظهركم فاستريحوا منه فإنه إذا خرج لم يضركم ما صنع وأين وقع وإذا غاب عنكم اذاه استرحتم منه وكان امره في غيركم فقال الشيخ النجدي: والله ما هذا لكم براي، ألم تروا حلاوة قوله وطلاقة لسانه واخذه للقلوب بما يستمع من حديثه؟ والله لئن فعلتم ثم استعرض العرب ليجتمعن عليه ثم ليسيرين إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل اشرافكم، قالوا: صدق والله، فانظروا رأيا غير هذا، فقال أبو جهل: والله لأشيرن عليكم براي ما أرى ابصرتموه بعد ما أرى غيره، قالوا: وما هذا؟ قال: نأخذ من كل قبيلة غلاما سبطا نهدا، ثم نعطي كل غلام منهم سيفا صارما، ثم يضربونه يعني: ضربة رجل واحد، فإذا قتلتموه تفرق دمه في القبائل كلها فلا أظن هذا ثم الحي من بني هاشم يقوون على حرب قريش لكهم، وانهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل واسترحنا وقطعنا عنا اذاه، فقال الشيخ النجدي: هذا والله هو الرأي القول، ما قال الفتى لا رأي غيره فتفرعوا على ذلك وهم مجمعون له، قال: فاتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فامره ان لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت، واخبره بمكر القوم فلم يبت رسول الله صلى الله عليه وسلم. في بيته لك الليلة واذن الله له عند ذلك في الخروج، وانزل عليه بعد قدومه المدينة في الأنفال يذكر نعمته عليه وبلاء عنده وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
(١٦٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1682 1683 1684 1685 1686 1687 1688 1689 1690 1691 1692 ... » »»