تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٤٨٦
لبدا، يعنى مالا كثيرا، فأنزل الله عز وجل * (لقد خلقنا الإنسن في كبد) *.
* (أيحسب أن لن يقدر عليه أحد) * [آية: 5] يعنى بالأحد الله عز وجل، يعنى نفسه، أيحسب هذا الإنسان أن لن يقدر الله عز وجل على أن يذهب بماله، وإن أحرزه * (يقول أهلكت مالا لبدا) * [آية: 6] ثم قال الله تعالى وهو بعده الخير: * (أيحسب أن لم يره أحد) * [آية: 7] أو يحسب هذا الإنسان أن الله تعالى ليس يرى ما ينفق وليس يحصيه؟ وهو يخلقه عليه، ثم ذكر النعم، فقال: * (ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهدينه النجدين) * [آية: 10] يقول: بيتا له سبيل الخير والشر، ثم حرضه على الكفارة، فقال:
* (فلا اقتحم العقبة) * [آية: 11] وهو مثل ضربه الله عز وجل له يقول:
إن الذنوب بين يديك مثل الجبل، فإذا أعتقت رقبة اقتحم ذلك الذنوب حتى تذوب وتذهب، كمثل رجل بين يديه عقبة فيقتحم فيستوى بين يديه، وكذلك من أصاب ذنبا واستغفر ربه، وكفره بصدقة تتقحم ذنوبه حتى تحطمها تحطيما مثل الجبل إذا خر، فيستوى مع الأرض، فذلك قوله: * (فلا اقتحم العقبة) *.
قال: * (وما أدرك ما العقبة) * [آية: 12] تعظيما لها، قال: * (قك رقبة أو إطعم في يوم ذي مسغبة) * [آية: 14] يعنى مجاعة * (يتيما ذا مقربة) * [آية: 15] يعنى ذا قرابة * (أو مسكينا ذا متربة) * [آية: 16] يعنى فقيرا قد التصق ظهره بالتراب من العرى، وشدة الحاجة، فيستحى أن يخرج، فيسأل الناس، وذلك كله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة، أو أطعم ستين مسكينا، يقول الله عز وجل أعجز أن يفعل من هذين الأمرين واحدا، وكان يظن أن الله تعالى لم يكن يراه إذا أنفق فيخلف عليه تلك النفقة، فذلك قوله: * (أيحسب أن لم يره أحد) * [البلد: 7]، يعنى الله عز وجل.
* (ثم كان من الذين ءامنوا) * بالله تعالى وملائكته، وكتبه ورسله وجنته وناره * (وتواصوا بالصبر) * يعنى على فرائض الله تعالى ما افترض عليهم في القرآن، فإنهم إن لم يؤمنوا بالله، ولم يعملوا الصالحات، ولم يصبروا على الفرائض، لم أقبل منهم كفاراتهم وصدقاتهم، ثم ذكر الرحم، فقال: * (وتواصوا بالمرحمة) * [آية: 17] يعنى بالمرحمة، يعنى بالرحم، فلا يقطعونها، ثم قال * (أولئك) * يعنى الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالصبر، وتواصوا بالمرحمة هم * (أصحاب الميمنة) * [آية: 18] الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم يوم القيامة، قال: * (والذين كفروا بئايتنا) * يعني بالقرآن * (هم أصحب المشئمة) * [آية: 19] يعنى الذين يعطون كتبهم بشمائلهم والمشأمة بلغة بني غطيف حي من مراد،
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»