تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٤٨٣
وأما قوله: * (فأما الإنسن إذا ما ابتلته ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن) * [آية: 15] نزلت الآية في أمية بن خلف الجمحي، وعبد الله بن نفيل، أتاه يأمره بالمعروف، وينهاه عن المنكر، ويذكره ذلك، فقال له أمية بن خلف: ويحك أليس الله يقول: * (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) * [محمد: 11]، قال عبد الله نفيل:
نعم، قال: فما له أغناني وأفقرك؟ قال: كذلك أراد الله، قال أمية: بل أغنانى الله لكرامتي عليه، وأفقرك لهوانك عليه، قال عبد الله بن خطل عند ذلك: لخليق أن يكون الله فعل ذلك، فأنزل الله تعالى: * (فأما الإنسن إذا ما ابتله ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن) * * (وأما إذا ما ابتلته فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهنن) * [آية: 1 6] قال: يقول: كلا ما أغنيت هذا الغنى لكرامته، ولا أفقرت هذا الفقير لهوانه على، ولكن كذلك أردت أن أحسن إلى هذا الغني في الدنيا، وأهون على هذا الفقير حسابه يوم القيامة، ثم قال في سورة أخرى: * (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) * [آية: 5، 6] يقول: ليس من شدة إلا بعدها رخاء، ولا رخاء إلا بعده شدة.
ثم انقطع الكلام، ثم ذكر أمية بن خلف الجمحي، وذكر مساوئه، فقال: * (كلا) * ما الأمر كما قال أمية بن خلف * (بل) * يعنى لكل * (لا تكرمون اليتيم) * [آية: 17] * (ولا تحضون على طعام المسكين) * [آية: 18] لأنهم لا يرجون بها الآخرة * (وتأكلون التراث أكلا لما) * [آية: 19] يعنى تأكلون الميراث أكلا شديدا * (وتحبون المال حبا جما) * [آية: 20] ويجمعون المال جمعا كثيرا، وهي بلغة مالك بن كنانة، ثم قال: * (كلا) * ما يؤمنون بالآخرة وهو وعيد، وأما قوله: * (إذا دكت الأرض دكا دكا) * [آية: 21] يعني إذا تركت فاستوت الجبال مع الأرض الممدودة.
ثم قال: * (وجاء ربك والملك صفا صفا) * [آية: 22] وذلك أنه تنشق السماوات والأرض، فتنزل ملائكة كل سماء، وتقوم ملائكة كل سماء على حدة، فيجئ الله، تبارك وتعالى، كما قال: * (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك) * [الأنعام:
158]، وكما قال: * (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظل من الغمام والملائكة) * [البقرة: 210] قياما صفوفا، قال: * (وجأئ يومئذ بجهنم) * يجاء بها في مسيرة خمس
(٤٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»