قال الشيطان: يا برصيصا يا أعبد بني إسرائيل ما صنعت؟ الزنا بعد العبادة يا برصيصا؟ إن هذه تخبر أخواتها بما أتيت لها فتفتضح في بني إسرائيل فاعمد إليها، فاقتلها وادفنها في التراب، ثم اصعد إلى صومعتك، وتب إلى الله، وتعبد فإذا جاء أخوتها، فسألوا عنها، فأخبرهم أنك دعوت لها، وأن الجني طار عنها، وأنهم طاروا بها، فمن هذا الذي يتهمك في بني إسرائيل، فقتلها ودفنها في الحرية، فلما جاء إخواتها، قالوا: أين أختنا؟ فقال: أختكم طارت بها الجن، فرجعوا وهم لا يتهمونه، فأتاهم الشيطان في المنام، فقال: إن برصيصا قد فضح أختكم، فلما أصبحوا جعل كل واحد منهم يكلم صاحبه بما رأى، فتكلم بما رأى.
فقال الآخر:
لقد رأيت مثل ما رأيت، فقال الثالث: مثل ذلك، فلم يرفعوا بذلك رأسا حتى رأوا ثلاث ليال، فانطلقوا إلى برصيصا، فقالوا: أين أختا؟ فقال: لا أدري طارت بها الجن، فدخلوا الخربة، فإذا هم بالتراب ناتئ في الخربة فضربوه بأرجلهم فإذا هم بأختهم فأتوه، فقالوا: يا عدو الله، قتلت أختنا، فانطلقوا إلى ذلك فأخبروه، فبعث إليه فاستنزله من صومعته، ونحتوا له خشبه، فأوثقوه عليها فأتاه الشيطان، فقال: أتعرفني يا برصيصا، قال: ى، قال: أنا الذي أنزلتك هذه المنزلة، فإن فعلت ما آمرك به استنقذتك مما أنت فيه، وأطلعتك إلى صومعتك؟ قال: وبماذا؟ قال: أتمثل لك في صورتي، فتسجد إلى سجدة واحدة وأنجيك مما هنا؟ قال: نعم، فتمثل له الشيطان في صورته فسجد له وكفر بالله فانطلق الشيطان، وتركه، وقتل برصيصا، فذلك قوله:
كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر * (فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين) * [آية: 16] * (فكان عاقبتهما) * يعني الشطان والإنسان * (أنهما في النار خالدين فيها) * الشيطان والراهب * (وذلك جزؤا الظالمين) * [آية: 17] يقول: هكذا ثواب المنافقين واليهود والنار.
تفسير سورة الحشر من الآية (18) فقط.
ثم حذر الممنين ولاية اليهود، فقال: * (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر نفس) * يعني ولتعلم نفس * (ما قدمت لغد) * يعني ما عملت لغد، يعني ليوم القيامة * (واتقوا الله) * يحذرهم ولاية اليهود * (إن الله خير بما تعملون) * [آية: 18] من الخير والشر، ومن معاونة اليهود، ثم وعظ المؤمنين ألا يتركوا أمره، ولا يكونوا بمنزلة أهل الكتال.