تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٢٠٦
ثم رجع إلى بني إسرائيل، فقال: * (ولقد اخترانهم على علم) * علمه الله عز وجل منهم، * (على العالمين) * [آية: 32]، يعني عالم ذلك الزمان.
* (وءاتينهم) *، يقول: وأعطيناهم * (من الآيات) * حين فلق البحر وأهلك عدوهم فرعون، وظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى، والحجر والعمود والتوراة، فيها بيان كل شئ، فكل هذا الخير ابتلاهم الله به، فلم يشكروا ربهم، فذلك قوله:
* (وءاتينهم من الأيات) * * (ما فيه بلؤا مبين) * [آية: 33]، يعني النعم البينة، كقوله:
* (إن هذا لهو البلاء المبين) * [الصافات: 106]، يعني النعم البينة.
قوله: * (إن هؤلاء ليقولون) * [آية: 34]، يعني كفار مكة.
* (إن هي إلا موتتنا الأولى) *، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم:
إنكم تبعثون من بعد الموت '، فكذبوه، فقالوا: إن هي إلا حياتنا الدنيا، * (وما نحن بمنشرين) * [آية: 35]، يعني بمبعوثين من بعد الموت.
ثم قال: * (فأتوا بئابائنا إن كنتم صادقين) * [آية: 36]، أنا نحيا من بعد الموت، وذلك أن أبا جهل بن هشام قال في الرعد: يا محمد، إن كنت نبيا فابعث لنا رجلين أو ثلاثة ممن مات من آبائنا، منهم قضي بن كلاب، فإنه كان صادقا، وكان إمامهم، فنسألهم فيخبرونا عن ما هو كائن بعد الموت، أحق ما تقول أم باطل؟ إن كنت صادقا بأن البعث حق، نظيرها في الجاثية قوله: * (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) * [الجاثية: 24]، وما البعث بحق.
فخوفوهم الله تعالى بمثل عذاب الأمم الخالية، فقال: * (أهم خير أم قوم تبع) *؛ لأن قوم تبع أقرب في الهلاك إلى كفار مكة، * (والذين من قبلهم) * من الأمم الخالية، * (أهلكناهم) * بالعذاب، * (إنهم كانوا مجرمين) * [آية: 37]، يعني مذنبين مقيمين على الشرك منهمكين عليه.
قوله: * (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين) * [آية: 38]، يعني عابثين لغير شئ، يقول: لم أخلقهما باطلا، ولكن خلقتهما لأمر هو كائن.
* (ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم) *، يعني كفار مكة، * (لا يعلمون) * [آية:
39]، أنهما لم يخلقا باطلا.
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»