تفسير سورة الكهف من الآية: [9 - 12].
* (أم حسبت أن أصحاب الكهف) *، والكهف ثقب يكون في الجبل كهيئة الغار، واسمه: بانجلوس، * (والرقيم) *، كتاب كتيه رجلان قاضيان صالحان، أحدهما ماتوس، والآخر أسطوس، كانا يكتمان إيمانهما، وكانا في منزل دقيوس الجبار، وهو الملك الذي فر منه الفتية، وكتبا أمر الفتية في لوح من رصاص، ثم جعلاه في تابوت من نحاس، ثم جعلاه في البناء الذي سدوا به باب الكهف، فقال: لعل الله عز وجل أن يطلع على هؤلاء الفتية؛ ليعلموا إذا قرأوا الكتاب، قال سبحانه: * (كانوا من آياتنا عجبا) * [آية:
9].
يقول سبحانه: أوحينا إليك من أمر الأمم الخالية، وعلمناك من أمر الخلق، وأمر ما كان، وأمر ما يكون قبل أصحاب الكهف، فهو أعجب من أصحاب الكهف، وليس أصحاب الكهف بأعجب مما أوحينا إليك، * (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم) * يعنى بالرقيم الكتاب الذي كتبه القاضيان، مثل قوله عز وجل: * (كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم) * [المطففين: 7 - 9]، يعنى كتاب مكتوب، * (كانوا من آياتنا عجبا) *، يخبره به.
وذلك أن أبا جهل قال لقريش: ابعثوا نفرا منكم إلى يهود يثرب، فيسألونهم عن صاحبكم أنبي هو أم كذاب؟ فإنا نرى أن ننصرف عنه، فبعثوا خمسة نفر، منهم: النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط، فلما قدموا المدينة، قالوا لليهود: أتيناكم لأمر حدث فينا لا يزداد إلا نماء، وإنا له كارهون، وقد خفنا أن يفسد علينا ديننا، ويلبس علينا أمرنا، وهو حقير فقير يتيم، يدعو إلى الرحمن، ولا نعرف الرحمن إلا مسيلمة الكذاب، وقد علمتم أنه لم يأمر قط إلا بالفساد والقتال، ويأتيه بذلك زعم جبريل، عليه السلام، وهو عدو لكم، فأخبرونا هل تجدونه في كتابكم؟
قالوا: نجد نعته كما تقولون، قالوا: إن في قومه من هو أشرف منه، وأكبر سنا، فلا نصدقه، قالوا: نجد قومه أشد الناس عليه، وهذا زمانه الذي يخرج فيه، قالوا: إنما يعلمه