بعضه على بعض، فقال الله عز وجل لهم: * (كلوا من طيبات) *، يعني من حلال، كقوله: * (فتيمموا صعيدا طيبا) * [المائدة: 6]، يعني حلالا طيبا في غير مأثم، وإذا وجدوا الماء فهو حرام، فمن ثم قال: * (طيبا) *، يعني حلالا من * (ما رزقناكم) * من السلوى، ولا تطغوا فيه، يعني تعصوا الله في الرزق فيما رزقكم، ولا ترفعوا منه لغد، فرفعوا وقددوا مخافة أن ينفذ، ولو لم يفعلوا لدام لهم ذلك، فقددوا منه ورفعوا فدود وتغير ما قدروا منه وما رفعوا فعصوا ربهم، فذلك قوله سبحانه: * (وما ظلمونا) *، يعني وما ضرونا، يعني ما نقصونا من ملكنا بمعصيتهم شيئا حين رفعوا وقددوا منه في غد، * (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) * [آية: 57]، يعني أنفسهم يضرون، نظيرها في الأعراف قوله سبحانه: * (من طيبات ما رزقناكم) * [الأعراف: 160] إلى آخر الآية.
تفسير سورة البقرة من آية [58 - 59] * (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية) * يعني إيلياء وهم يومئذ من وراء البحر، * (فكلوا منها حيث شئتم رغدا) *، يعني ما شئتم، وإذ شئتم، وحيث شئتم، * (وادخلوا الباب سجدا) *، يعني باب إيلياء سجدا، فدخلوا متحرفين على شق وجوههم، * (وقولوا حطة) *، وذلك أن بني إسرائيل خرجوا مع يوشع بن نون بن اليشامع بن عميهوذ بن غيران بن شونالخ بن إفراييم بن يوسف، عليه السلام، من أرض التيه إلى العمران حيال أريحا، وكانوا أصابوا خطيئة، فأراد الله عز وجل أن يغفر لهم، وكانت الخطيئة أن موسى، عليه السلام، كان أمرهم أن يدخلوا أرض أريحا التي فيها الجيارون، فلهذا قال لهم: * (وقولوا حطة) *، يعني بحطة حط عنا خطايانا.
ثم قال: * (نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين) * [آية: 58] الذين لم يصيبوا خطيئة، فزادهم الله إحسانا إلى إحسانهم، فلما دخلوا إلى الباب، فعل المحسنون ما أمروا به، وقال الآخرون: هطا سقماثا يعنون حنطة حمراء، قالوا: ذلك استهزاء وتبديلا، لما أمروا به، فدخلوا مستقلين، فذلك قوله عز وجل: * (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا) *، يعني عذابا * (من السماء) * كقوله