الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٩٤
قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين.
مما لا شك فيه أن بنات لوط لا يكفين لذلك العدد الهائل من المتحجرين حول داره، ولكن لوطا الذي كان يهدف إلى إلقاء الحجة عليهم أراد أن يقول لهم:
انني مستعد إلى هذه الدرجة للتضحية من أجل الضيف، وكذلك لأجل إنقاذكم من الفساد ونجاتهم من الانحراف.
وذهب البعض إلى أن المقصود من هؤلاء بناتي كل بنات المدينة، باعتباره أبا روحيا للجميع. (إلا أن التفسير الأول أقرب إلى معنى الآية).
وليس نجاف أن لوطا ما كان ليزوج بناته من أولئك المشركين الضالين، ولكنه أراد أن يقول لهم: تعالوا آمنوا لأزوجكم بناتي.
لكن الويل، كل الويل من سكرات الشهوة، الانحراف الغرور والعناد.. التي مسحت عنهم كل قيم الأخلاق الإنسانية وأفرغتهم من العواطف البشرية، والتي بها يحسون بالخجل والحياء أمام منطق لوط (عليه السلام)، أو أن يتركوا بيت لوط وينسحبوا عن موقفهم، ولكن أنى لهم ذلك، والأكثرية بسبب عدم تأثرهم بحديث لوط استمروا في غيهم وأرادوا أن يمدوا أيديهم إلى الضيوف.
وهنا يخاطب الله تعالى نبيه قائلا: لعمرك إنهم في سكرتهم يعمهون.
وقرأنا في سورة هود - فيما يتعلق بهذه القصة - أن ملائكة العذاب قد كشفوا عن أمرهم وقالوا للوط: لا تخف إنهم لن يصلوا إليك.
وفي الآية السابعة والثلاثين من سورة القمر نقرأ ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم.
وفي بعض الروايات: إن أحد هؤلاء الضيوف أخذ قبضة من تراب فرماها في وجوه القوم فأصبحوا لا يبصرون جميعا.
وبعد ذلك يبلغ كلام الله تعالى عن هؤلاء القوم الذروة حينما يبين عاقبتهم السيئة في آيتين قصيرتين وبشكل حدي ملئ بالدروس والعبر بقوله:
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»