فأخذتهم الصيحة مشرقين أي صوت شديد عند شروق الشمس.
ويمكن حمل " الصيحة " على أنها صاعقة عظيمة أو صوت زلزلة رهيب، والمهم أنه كان صوتا مرعبا أسقط الجميع مغميا عليهم أو ميتين.
والمعلوم أن الأمواج الصوتية إذا ما تعدت حدا معينا فستكون مرعبة مخيفة تهز فرائض الإنسان، وإذا ما ازدادت شدتها فستبهت الإنسان وتشله عن الحركة وربما تودي بحياته، بل ومن الممكن لها أن تهدم الأبنية، وهذا ما تفعله المتفجرات.
ولم يكتف بذلك بل شمل العذاب المدينة أيضا فجعلنا عاليها سافلها.
وزيد في التنكيل بهم وأمطرنا عليهم حجازة من سجيل.
إن سقوط الحجارة على رؤوسهم ربما كان يستهدف من لم يمت من الصيحة المرعبة ولم يصبح تحت الأنقاض، وربما لأجل محو أجسادهم وجثثهم من على الأرض كي لا يبقى أثر لهؤلاء القوم المجرمين، حتى أن المار على تلك الديار بعد نزول الأحجار لا يصدق بسهولة أنها كانت مدينة معمورة!
ثم إن نزول هذا العذاب ذو المراحل الثلاث (الصيحة الرهيبة، قلب المدينة، المطر الحجري) - رغم أن كل واحدة منهن كانت تكفي لقطع دابر القوم - كان لمضاعفة عذابهم لشدة فسادهم وجسارتهم وإصرارهم على إدامة التلوث بتلك القبائح الشنيعة، وكي يكون عبرة لمن يعتبر.
وهنا يخلص القرآن الكريم إلى النتائج الأخلاقية والتربية فيقول: إن في ذلك لآيات للمتوسمين (1) العقلاء الذين يفهمون الأحداث بفراستهم وذكائهم ونظرهم الثاقب ويحملون من كل إشارة حقيقة ومن كل تنبيه درسا.
ولا تتصوروا أن آثارهم ذهبت تماما، بل هي باقية على طريق القوافل