الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٥٨
نظاما مترابطا في عالم الوجود لا يمكن تصور تشكيله إلا بوجود علم وقدرة مطلقين، بالإضافة إلى أن وجود الحياة والموت بحد ذاته دليل على أن موجودات هذا العالم لا تملك زمام أنفسها ناهيك عما هو بأيديها، وأن الوارث الحقيقي لكل شئ هو الله تعالى.
ثم يضيف: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين.
أي، نحن على علم بهم وبما يعملون، وإن أمر محاسبتهم وجزائهم في المعاد علينا سهل يسير.
ولهذا، نرى الآية التي تليها: وإن ربك هو يحشر هم إنه حكيم عليم مرتبطة تماما مع ما قبلها ومتممة من خلال طرحها مسألة ما سيكون بعد الموت.. فحكمة الباري أوجبت أن لا يكون الموت نهاية لكل شئ.
فلو أن الحياة انحصرت بهذه الفترة الزمنية المحدودة وينتهي كل شئ بالموت لكانت عملية الخلق عبثا، وهذا غير معقول، لأنه تعالى منزه عن العبث.
فالحكمة الإلهية اقتضت من " حياة الدنيا أن تكون مرحلة استعداد لمسيرة دائمة نحو المطلق "، وبتعبير آخر. مقدمة لحياة أبدية خالدة. وأما كونه سبحانه عليما.. فهو عليم بصحائف أعمال الجميع المثبتة في قلب هذا العالم الطبيعي من جهة، وكذلك في أعماق وجود الانسان من جهة أخرى، ولا تخفى عليه خافية يوم يقوم الحساب.
وكونه سبحانه الحكيم العليم في هذا المورد دليل قوي وعميق الغور على مسألة الحشر والمعاد.
* * * 2 بحث 3 من هم المستقدمون والمستأخرون؟
(٥٨)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»