الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٤٦٣
عليهم؟ أليس من الأفضل أن يعطيهم الله ما يريدون حتى لا يحتاجون إلى إنفاقنا؟
الجواب: تعتبر الآية الأخيرة بمثابة جواب على هذا السؤال: إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا. إنه اختبار لنا، فالله قادر على كل شئ، ولكنه يريد بهذا الطريق تربيتنا على روح السخاء والتضحية والعطاء. إضافة إلى ذلك، إذا أصبح أكثر الناس في حالة الكفاية وعدم الحاجة فإن ذلك يقود إلى الطغيان والتمرد إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى، لذلك من المفيد أن يبقوا في حد معين من الحاجة. هذا الحد لا يسبب الفقر ولا الطغيان.
من ناحية أخرى يرتبط التقدير والبسط في رزق الإنسان بمقدار السعي وبذل الجهد (باستثناء بعض الموارد من قبيل العجزة والمعلولين)، وهكذا تقتضي المشيئة الإلهية ببسط الرزق وتقديره لمن يشاء، وهذا دليل الحكمة، إذ تقضي الحكمة بزيادة رزق من يسعى ويبذل الجهد، بينما تقضي بتضييقه لمن هو أقل جهدا وسعيا.
العلامة الطباطبائي ينظر للعلاقة بين هذه الآية والتي قبلها في ضوء احتمال آخر فيقول في تفسير الميزان: " إن هذا دأب ربك وسنته الجارية، يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر لمن يشاء، فلا يبسطه كل البسط، ولا يمسك عنه كل الإمساك رعاية لمصلحة العباد، إنه كان بعباده خبيرا بصيرا أو ينبغي لك أن تتخلق بخلق الله وتتخذ طريق الاعتدال وتتجنب الإفراط والتفريط " (1).
* * * 2 بحوث 3 أولا: من هم المقصودون بذي القربى؟

1 - تفسير الميزان، ج 13، ص 84.
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»